تنمية الأخلاق وقيم المواطنة كمدخل لتعزيز الهوية والأمن القومي المصري
عادل السعيد البنا | Prof. Dr. Adel Alsaeid Elbanna
17/10/2020 القراءات: 1958
لا شك أن تنمية الأخلاق وقيم الموطنة تعد المدخل الرئيسي لتعزيز الهوية الفردية والثقافية والاجتماعية بما يحافظ على الأمن القومي للمجتمع وينتج متطلباته الأساسية, وعليه فقد حرصتْ شعوبُ العالم منذُ بداية البشريّة حتّى هذا اليوم إلى المُحافظةِ على تميُّزها وتفرُّدها اجتماعيّاً، وقوميّاً، وثقافيّاً، لذلك اهتمتْ بأن يكون لها هويّةٌ تُساعدُ في الإعلاءِ من شأن الأفراد في المُجتمعات، وساهم وجود الهويّة في زيادةِ الوعي بالذّات الثقافيّة والاجتماعيّة، ممّا ساهمَ في تميُّزِ الشّعوب عن بعضهم بعضاً، فالهويّة جزءٌ لا يتجزّأ من نشأة الأفراد منذُ ولادتهم حتّى رحيلهم عن الحياة.
كما ساهم وجود فكرة الهويّة في التّعبيرِ عن مجموعةٍ من السّمات الخاصّة بشخصيّات الأفراد؛ لأنّ الهويّة تُضيفُ للفرد الخصوصيّة والذاتيّة، كما إنّها تعتبرُ الصّورة التي تعكسُ ثقافته، ولغته، وعقيدته، وحضارته، وتاريخه، وأيضاً تُساهمُ في بناءِ جسورٍ من التّواصل بين كافة الأفراد سواءً داخل مجتمعاتهم، أو مع المُجتمعات المُختلفة عنهم اختلافاً جُزئيّاً مُعتمداً على اختلافِ اللغة، أو الثّقافة، أو الفكر، أو اختلافاً كُليّاً في كافّةِ المجالات دون استثناء.
ولا شك أن تعزيز الهوية يرتبط بالمنظومة الأخلاقية للمجتمع من خلال ما تنتجه تلك الهوية من وظائف أساسية تؤكد على تنمية الاخلاق وقيم المواطنة والانتماء للوطن ولعل من أبرز تلك الوظائف ما يلي:
1. الوظيفة المعنوية: حيث تلعب الهوية دورا معنويا في عملية إنتاج الذات الفردية والجماعية وتأكيد الذات الفردية والجماعية وإعادة ترتيب علاقاتها بمحيطها من أجل إثبات وجودها وتحقيق الاستقرار فتجعل المجتمع أفرادا وجماعات ومؤسسات منتمين الى هوية ذلك المجتمع فيحافظون على معرفة ذاتهم ويعرفون الآخرين بها. كون أن الوعي بالذات ليس إنتاجا فرديا صرفا ولكنه ينتج عن مجموعة التفاعلات الاجتماعية التي يكون الفرد والجماعة منغمسا فيها، كماأن انعدام أو انقطاع الذات يؤدي الى حدوت أزمة الهوية ففي حالة عزل الذات عن هويتها قد يحدث بما نسميه بانعزال الهوية الذي هو قبل كل شي تعبير عن التصرف والاقصاء والانسلاخ عن الهوية الاصلية وتشكيل هوية جديدة
2. الوظيفة الادماجية والكيفية: فالمحيط الحيوي الذي يعيش فيه الأفراد ملىء بالتناقضات والتنوع وعدم التوافق والتماثل والانسجام بين مكوناته يكون مهددا حقيقيا لوحدة وانسجام مقومات الهوية أو بين الأطراف والمكونات الثقافية المتمايزة لدا ينبغي آن يكون بناء مقوماتها في تناغم مع المحيط عن طريق التفاوض لذا فالهوية تسعى إلى إدماج وتكليف الأفراد والجماعات مع محيطهم ومع الأوضاع المختلفة التي يجدون فيها (تغير السلوك والفعل او تطويره طبقا للظروف المحيطة) فالهوية تراعي الواقع الذي نستقي منه اكبر قسط من مكوناتها فالهوية تتأسس على عملية تحقيقها وتوحيدها على المؤسسات والجامعات من اجل الاعتراف بها.
3. الوظيفة القيمة: وهو ما يعكس قمة التفاعل بين منظومة الاخلاق وقيم المواطنة والهوية التي يتنعم الفرد من خلالها بإسناد نفسه مميزات ذات قيمة إيجابية بناء على أنه المثالي فهو يسعى إلى إنعاش العلاقة الايجابية مع الذات بعدما يحصل الاعتراف فحينما تصير مبررة ومشروعه على نحو أساسي ولان الهوية مسالة لها قيمتها ولا يمكن آن تستخلص قيمها إلا من خلال المعايير العليا للمجتمع وللجماعة لدلك فالأفراد والجماعات حينما يكونون أثناء عملية التفاوض مع المحيط الذي يعيشون فيه إلى تشكل هوية مرغوب فيها وذات قيمة لدى الآخرين فالهويات تتغير وتتصارع من أجل الاعتراف بها في جو من الفضاء العام.
فالهويّةُ بما تتضمنه من مجموعةٌ المُميّزات التي يمتلّكها الأفراد، وتُساهمُ في جعلهم يُحقّقون صفة التفرّد عن غيرهم، وقد تكون هذه المُميّزات مُشتركة بين جماعةٍ من النّاس سواءً ضمن المجتمع، أو الدّولة. كما أن الهويّة تمثل كلُ شيءٍ مُشترك بين أفراد مَجموعةٍ مُحدّدة، أو شريحة اجتماعيّة تُساهمُ في بناءِ مُحيطٍ عامٍ لدولةٍ ما، ويتمُّ التّعاملُ مع أولئك الأفراد وفقاً للهويّة الخاصّة بهم, والتي تتضمن أنواع الهويّة التالية:
1. الهويّة الوطنيّة: هي الهويّةُ التي تُستخدَمُ للإشارةِ إلى وطن الفرد بما يؤكد قيم المواطنة والانتماء، والتي يتمُّ التّعرفُ عليها من خلال البطاقة الشخصيّة التي تحتوي على مجموعةٍ من المعلومات والبيانات التي يتميّزُ فيها الفرد الذي ينتمي إلى دولةٍ ما. فعلى الرغم مما قيل على العولمة وما احدثته من ازالة او حتى على اقل اضعاف الحدود الوطنية واضعاف لسلطة الدولة – الوطن – وخلط الهويات الوطنية وصهرها فان تلك المشاعر الوطنية والعواطف تتاجج وتجد طريقها للتعبير العفوي
2. الهويّة الثقافيّة: هي الهويّةُ التي ترتبطُ بمفهومِ الثّقافة التي يتميّزُ فيها مُجتمعٌ ما، بما يؤكد على الوعاء الذي ينهض بوظيفة تنمية القيم الاخلاقية والمواطنة، وتعتمدُ بشكلٍ مُباشرٍ على اللّغة؛ إذ تتميّزُ الهويّة الثقافيّة بنقلها لطبيعة اللّغة بصفتها من العوامل الرئيسيّة في بناءِ ثقافة الأفراد في المجتمع.
3. الهويّة العُمْريّة: وهي الهويّةُ التي تُساهمُ في تصنيفِ الأفراد وفقاً لمرحلتهم العُمْريّة، وتُقسَمُ إلى الطّفولة، والشّباب، والرّجولة، والكهولة، وتُستخدَمُ عادةً في الإشارةِ إلى الأشخاص في مَواقفَ مُعيّنة، مثل مواقف تنمية الموارد البشرية وإدارتها في إطار زيادة الإنتاج أو تلقيّ الخدمات المجتمعية.
المواطنه
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع