مدونة صالح بن ناصر بن علي الخروصي
ربا المنافع في عقود الإجارة: صورته وحكمه الشرعي
صالح بن ناصر بن علي الخروصي | Saleh Nasser Ali Al Kharusi
30/07/2021 القراءات: 1957
*تمهيد:
أجمع علماء المسلمين على حرمة الربا، ومن ذلك ربا البيوع التي تتحد فيها الأجناس، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الفضة بالفضة، ولا البرَّ بالبر، ولا الشعير بالشعير، ولا الملح بالملح، إلاَّ مِثلاً بمِثل، يدًا بيد، سواء بسواء، عينًا بعين»، ولما كانت هذه الأصناف الواردة في الحديث جميعا أعيانا، فتح هذا الأمر بابا لاجتهاد العلماء في جريان الربا في المنافع، وذلك عند اتحاد أجناسها في عقود الإجارة، بحيث يكون العوضان من نفس الجنس.
*صورة اتحاد أجناس المنافع:
قد تتحد أجناس المنافع في عقود الإجارة سواء في إجارة الأعيان أو إجارة الأشخاص، فاتحاد أجناس المنافع في إجارة الأعيان مثل من يستأجر دار شخص شهرا، مقابل أن يؤجره الآخر داره شهرين، أو أن يستأجره داره شهرا، مقابل أن يؤجره دارين، واتحادها في إجارة الأشخاص مثل أن يؤجره على أن يعمل له عملا، مقابل أن يعمل له الآخر عملا أيضا.
*حكم اتحاد جنس المنافع:
اختلف العلماء في جريان الربا في عقود الإجارة عند اتحاد أجناس المنافع:
القول الأول: جوازه، وعدم جريان الربا فيه، وهو قول الشافعية الحنابلة وبعض الإباضية، فقد قال كل من قال الرافعي والنووي:" يجوز أن تكون الأجرة منفعة، سواء اتفق الجنس كما إذا أجر داراً بمنفعة، أو اختلف بأن أجرها بمنفعة شخص، ولا ربا في المنافع أصلاً حتى لو أجرها بمنفعة شخص ولا ربا في المنافع أصلاً حتى لو أجر داراً بمنفعة دارين، أو أجر حليا بذهب جاز"، وقال ابن قدامة:" وَكُلُّ مَا جَازَ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ، جَازَ عِوَضًا فِي الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ أَشْبَهَ الْبَيْعَ. فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ عَيْنًا وَمَنْفَعَةً أُخْرَى، سَوَاءٌ كَانَ الْجِنْسُ وَاحِدًا، كَمَنْفَعَةِ دَارٍ بِمَنْفَعَةِ أُخْرَى، أَوْ مُخْتَلِفًا، كَمَنْفَعَةِ دَارٍ بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتَرِيَ بِطَعَامٍ مَوْصُوفٍ مَعْلُومٍ. وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ".
القول الثاني: حرمته، لجريان الربا، وهو قول بعض الإباضية، قال الإمام السالمي:
وهل ربا يكون في المنافع.... أو لا، ففيه موضع التنازع
مثاله: تســــــكن جاري عاما.... وأســــــــكنن داركم أعواما
كما قال بحرمته الحنفية، معللين ذلك بعدم وجود المعقود عليه، فكان بيعا بالنسيئة.
ربا، إجارة، منافع
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف