أثر النزوح على الواقع التعليمي للطلبة في العراق
د. نكتل يوسف محسن | Dr. Naktal yousif mohsen
11/03/2020 القراءات: 4431
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى اله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين وبعد
يُعتبر النزوح وترك الديار من المسائل المؤثرة في نفس الإنسان النازح ، إذ إنها تجربة تحوي في طياتها مشاعر سلبية نتجت عن ترك الأوطان ومراتع الصبا وأستقرار المنزل ، فضلاً عن المصير المجهول الذي يُقبل عليه النازح نتيجة صعوبة توفير البديل للسكن وطلب الرزق ، بالإضافة الى صعوبة التأقلم مع البيئة الجديدة التي أنتمى أليها النازح مجبراً لا مختاراً ، وهي بيئة عموماً تختلف عنه أجتماعياً وأقتصادياً وثقافياً وربما تختلف عنه مناخياً ، وإن كان مجرد النزوح يفصح عن هذه النتائج ، فأن الواقع العلمي يتأثر تأثراً مباشراً بمحنة النزوح ، فالطالب يحتاج عادة الى أمورا أساسية لمواكبة العملية التعليمية بصورة طبيعية ، منها : توفير الجو الملأئم للدراسة من مسكن مستقل وحالة نفسية مستقرة ومصدر ثابت للرزق لا يضطر الطالب أزاءه إن يترك دراسته ليجلب الرزق لعائلته ، فان توفرت تلك الأمور سارت الدراسة والعملية التعليمية بصورة سليمة معطاءة .
لكن الواقع الفعلي للنزوح لا ينبأ بتوافر هذه الأساسيات ، ولا حتى بعضها في غالب الحالات ، وبالتالي يكون أنعكاس هذه كله على المستوى التعليمي كبيراً ، وقد يقود الى نتائج كارثية ، وفي هذا الصدد تفيد سوزان خلف إحدى الباحثات في الواقع النفسي للطالب النازح قائلاً : لم يُعد الطفل في مخيمات النزوح طفلاً سوياً ولم يعد ذلك التلميذ النشيط الذي كان يسارع في كل صباح لأرتداء ملابسه المدرسية والذهاب باكراً مع أصدقائه إلى مدرسته القريبة، حيث يدرس في صفوف التعليم الأساسي، بل إن الكثير من الأطفال في تلك المخيمات أصبحوا يشكلون عبئاً على آبائهم بسبب تصرفاتهم الغير معتادة كالصراخ المتواصل وتكرار مشهد البكاء كل صباح بسبب افتقادهم لمدارسهم ورفاقهم واختلاف روتين حياتهم اليومية، وزادت لديهم المشكلات السلوكية أثرت على التعبير الطبيعي للأطفال ولوحظ ذلك من خلال آلية الكلام و النطق لدى الطفل مثل التأتأة وذلك بسبب مشاعر الخوف والقلق التي تنتاب أعداداً كبيرة من الأطفال النازحين والتي تؤدي بهم إلى البكاء الشديد والصراخ وأحياناً إلى التبول اللاإرادي، وهناك بعض الأطفال الذين تحول نشاطهم وحركتهم الكثيرة إلى سكون وهدوء غريب، ومنهم من تراودهم كوابيس وأحلام مزعجة، و بعض الأطفال أصبحوا أكثر عدوانية من خلال اللجوء إلى تعنيف الأطفال المحيطين بهم في المخيم كل هذه المشكلات السلوكية والنفسية لها آثار كبيرة على شخصية الطفل وبالتالي ستؤثر على كل مراحل حياته المستقبلية إذا لم يتم الحد منها و علاجها بشكل مدروس، فعلى الرغم من المحاولات الكثيرة التي تبذلها كل من الأمم المتحدة و منظمات حقوق الإنسان وحقوق الطفل والمؤسسات المهتمة بشؤون النازحين ورعاية الطفولة لتخفيف معاناة الأطفال الناتجة عن النزوح و الحرب إلا أنها لا تفي بالغرض المطلوب قياساً بحجم الضرر النفسي الذي لحق بهم سواء من حيث تعدد الأعراض والمشكلات النفسية والسلوكية للأطفال النازحين أو من حيث أتساع فئة الأطفال المتضررين من النزوح، و التي ستكون لها نتائج وخيمة على واقع التعليم في البلدان التي عانت من مشكلة النزوح .
ملخص من ورقة العمل التي قمت بتقديمها في الندوة العلمية التي اقيمت في دائرة التعليم الديني والدراسات الاسلامية في نينوى
النزوح، الطلبة، الواقع، في، التعليم
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة