مدونة د.أيمن جاسم محمد الدوري


وسائل التابعين في التثبت من رواية الحديث النبوي

د.أيمن جاسم محمد الدوري | DR.AYMAN JASSIM MOHAMMED ALDOORI


10/10/2024 القراءات: 118  


لا تخفى منزلة السنة النبوية ومكانتها على أحد من المسلمين، فهي الأصل الثاني من أصول التشريع، وقد اهتم بها الرعيل الأول من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن تلاهم اهتمامًا كبيرًا فحفظوها في الصدور، ودونوها في السطور، ورحلوا في طلبها للتثبت منها، ووضعوا قواعد علمية لم يسبقهم في دقتها أحد من الأمم السابقة بغية تمييز صحيحها، وتمحيص رواتها، والتدقيق على ألفاظها، وقد حرص التابعون بدورهم على التثبت في قبول الأخبار بكل وسيلة تطمئن إليها قلوبهم، خصوصًا حين فشا الكذب في عصرهم، وظهرت الفرق الإسلامية، وبدأ السهو والغلط والنسيان يكثر بين رواة الآثار، فلجأ التابعون إلى زيادة التثبت من الأحاديث، والتمييز بين الصواب والخطأ في المرويات، واعتمدوا في ذلك على وسائل عدة من أبرزها:
1ـ التحقق من الإسناد: وقد بدأ في عهد كبار التابعين؛ حيث عُدَّ ضرورة لا محيد عنها في قبول الأحاديث.
2ـ المذاكرة: وتكمن فائدتها في تثبيت الحفظ، فبها يتم تعهد المحفوظ وتكراره ومراجعته، وتذكر ما نسي منه، وتؤدي إلى زرع روح التنافس بين طلبة العلم، وقد عقد التابعون مجالس عديدة يتذاكرون الحديث فيها ويراجعون حفظهم، وينشرونه بينهم.
3ـ الرحلة للتثبت من الحديث: فقد بذل التابعون لأجل التثبت من الحفظ والسماع كل نفس ونفيس، وطافوا البلدان، وقطعوا المسافات الطويلة؛ لسماع حديث، أو التأكد من ضبطه، أو معرفة ما أصاب فيه الرواة وما أخطئوا فيه.
4ـ تكرار السماع: لجأ بعض التابعين للتثبت من حفظهم وسماعهم إلى تكرار السماع من الشيخ، مما يزيد الثقة بمنهجهم الصارم في تثبتهم من الرواية وتأكدهم من حفظهم وسماعهم في زمن ازداد وللأسف التشكيك في السنة بسبب الجهل بحال المحدثين من الدقة والتحري والتثبت.
5ـ الإقرار بالسماع: اعتمد التابعون منهج السؤال عن الخبر للتثبت من صحته، وأخذ إقرار الرواة على سماعهم لذلك الخبر.
6ـاستحلاف الرواة بسماعهم: استعان التابعون كذلك لإثبات صدق الرواة فيما يحدثون به إلزامهم بالحلف زيادة في التأكد والتثبت من سماعهم.
7ـ التقليل من الرواية: سلك بعض التابعين منهج الإقلال من الرواية؛ وذلك من باب الاحتياط والتثبت من الأخبار.
8ـ المقارنة بين الروايات: اعتمد التابعون منهج المقارنة بين الروايات لزيادة الاستيثاق والتثبت من الأخبار، ومعرفة الصواب من الخطأ، والحكم على الرواة وضبط مروياتهم.
9ـ التحقق من زمن الاستماع: لجأ التابعون للتحقق من تاريخ الاستماع زيادة في التثبت والضبط وهذا ما نص عليه بعضهم.
10ـ عرض الحديث على القرآن الكريم: اعتمد بعض التابعين على عرض الحديث النبوي على معاني القرآن الكريم؛ فإن خالف الحديث ما جاء في القرآن الكريم من حقائق رد الحديث بذلك.
ومن النتائج المتوقعة لهذه الدراسة:
1ــ للتابعين دور كبير في حفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم من التحريف والتبديل والنقص والزيادة.
2ـ حرص التابعون كل الحرص على التحقق من أن مروياتهم ومسموعاتهم قد أخذوها ممن لم تصبه الغفلة أو الاختلاط، ورسموا منهجًا دقيقًا للتثبت من الرواة للحدِّ من ظاهرة الوضع والتَّقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3ـ بذل التابعون لأجل التثبت من الحفظ والسماع جهدًا كبيرًا فاق نظيره فطافوا البلدان، وقطعوا المسافات الطويلة؛ لسماع حديث، أو التأكد من ضبطه، أو معرفة ما أصاب فيه الرواة وما أخطئوا فيه.


السنة النبوية، التابعون، رواية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع