مدونة الاستاذ الدكتورة نورية العبيدي


الأسس العلمية في تطوير المهارات الإنسانية وأساليب التدريب والتعليم. الحلقة الثانية

أ.د. نورية العبيدي | Prof.Dr.Noria. H. Mohmmad


13/10/2020 القراءات: 2954  


نظرية المحاولة والخطأ لثورندايك وتطبيقاتها في تطوير المهارات :
كان ثورندايك من أوائل علماء النفس الذين حاولوا تفسير التعلم بحدوث ارتباطات بين المثيرات والاستجابات، ويرى أن أكثر التعلم تميزا عند الإنسان والحيوان على حد السواء هو التعلم بالمحاولة والخطأ
( Thorndike، 1932، p103).

فالتعلم عند ثورندايك تغيّرٌ آليّ في السلوك يتجه تدريجيا إلى الابتعاد عن المحاولات الخاطئة. أيّ نسبة أعلى لتكرار المحاولات الناجحة، التي تؤدي إلى إزالة حالة التوتر والوصول إلى حالة الإشباع. فعلم النفس عند ثورندايك هو دراسة السلوك دراسة علمية والتعلم هو تغير في السلوك ( Thorndike، 1913، pp.34-55).

وقد عُرفت نظرية ثورندايك، التي ظلت مسيطرة لعقود من القرن العشرين على الممارسات التربوية في الولايات الأمريكية باسم الترابطية، لأنه ظن أن التعلم عملية تشكيل ارتباطات بين المثيرات واستجاباتها. وقد طور ثورندايك، نظريته من خلال أبحاث طويلة، قام بها على أثر المكافأة في سلوك الحيوانات المختلفة. وأهم مبادئ التعلم التي توصل إليها هي قانون الأثر، ولم يكتف ثورندايك بوصف التعلم، بل حاول تفسيره بارتباطات مباشرة بين المثيرات والاستجابات التي تتحكم في قوتها أو ضعفها، قوانين رئيسة وأخرى ثانوية. وتسمى هذه الروابط بقوانين التعلم، والقوانين الرئيسة هي:

1. قانون الأثر Law of effect: عندما تكون الرابطة بين المثير والاستجابة مصحوبة بحالة ارتياح فإنها تَـقْوى، أما إن كانت مصحوبة بحالة ضيق أو انزعاج فإنها تَضعُف. ويرى ثورندايك العمل الرئيس في تفسير عملية التعلم هو المكافأة، ويظن أن العقاب لا يضعف الروابط.
2. قانون التدريب law of exercise: إن تكرار الرابطة بين المثير والاستجابة يؤدي إلى تثبيت الرابطة وتقويتها ومن ثم يصبح التعلم أكثر رسوخا. ويرى ثورندايك أن لهذا القانون شقين هما:
2. 1. قانون الممارسة: الذي يشير إلى أن الارتباطات تقوى بفعل التكرار والممارسة.
2. 2. قانون الإهمال: الرابطة تضعف بفعل الترك وعدم الممارسة
2. 3 . قانون الاستعداد law of readiness: ويصف الأسس الفسيولوجية لقانون الأثر، فهو يحدد ميل المتعلم إلى الشعور بالرضا أو الضيق. ويصوغ ثورندايك ثلاث حالات لتفسير الاستعداد وهي:
2 . 3. 1. تكون الوحدة العصبية مستعدة للعمل وتعمل، فعملها يريح الكائن الحي.
2. 3. 2. تكون الوحدة العصبية مستعدة ولا تعمل، فإن عدم عملها يزعج الكائن الحي.
2 .3 .3. تكون الوحدة العصبية مستعدة للعمل، وتجبر على العمل فإن عملها يزعج الكائن الحي (Thorndike، 1922، pp102-106).

وقد قدم ثورندايك مفهوم الانتماء "belongingness" ؛ إذ تكون الارتباطات راسخة بسهولة أكثر إذا أدرك الشخص أنّ المحفّزات والاستجابات يسيران معا. والمفهوم الآخر الذي قدّمه هو "التناقض polarity " الذي يحدّد أنّ الارتباطات تحدث بسهولة أكثر في الاتجاه الذي تشكلت فيه أصلا أكثر من الاتجاه النظير (المضاد). وقدّم ثورندايك أيضا فكرة انتشار الأثر spread of effect " ، وبمعنى آخر: تؤثّر المكافأة ليس فقط على الارتباط الذي ينتجها ولكنها تؤثر أيضا على الارتباطات القريبة منها (ATHERTON، 2005، web-site).

تطبيقات النظرية في تطوير المهارات: لقد عني ثورندايك بمسائل أساسية، تؤثر في إفادة المدرب سيما في عمله داخل الصف التدريبي، وهذه الأمور هي:
- تحديد الروابط بين المثيرات والاستجابات التي تتطلب التكوين أو التقوية أو الإضعاف.
- تحديد الظروف التي تؤدي إلى الرضا أو الضيق عند المتعلمين .
- استعمال الرضا أو الضيق للتحكم في سلوك المتعلم.
- تحديد خصائص الأداء الجيد حتى يمكن تحديد تشخيص الأخطاء، كي لا تتكرر ويصعب تعديلها فيما بعد، لأنّ الممارسة تقوي الروابط الخاطئة كما تقوي الروابط الصحيحة.
- تحديد الدور الإيجابي للمتعلم المنبعث من موقف التعلم.
- عمل المدرب على استثارة رغبة المتعلم في الاستجابة والاندفاع في المحاولة والخطأ وذلك بالالتزام بالنصائح الآتية:
- أن يؤخذ بالحسبان الموقف التعليمي الذي يتوافر فيه المتعلم.
- أن يُعطى المتعلم فرصة بذل الجهد في التعلم وذلك بالمحاولة.
- تجنب تكوين الروابط الضعيفة وتقوية الارتباط بين الاستجابة والموقف.
- ربط مواقف التعلم بمواقف مشابهة لحياة المتعلم اليومية.
- التركيز على الأداء والممارسة وليس على الإلقاء.
- الاهتمام بالتدرج في عملية التعلم؛ من السهل إلى الصعب ومن الوحدات البسيطة إلى الوحدات المعقدة.
- عدم إغفال أثر الثواب لتحقيق السرعة في التعلم والفاعلية والمحافظة على الدافعية (Thorndike، 1913، pp.34-55).
ويرى 'أدوارد تولمان' في أهمية نظرية المحاولة والخطأ"إن علم نفس التعلم، كان ومازال في الأساس مسألة اتفاق مع ما جاء به ثورندايك أو اختلاف، ومحاولة إدخال التحسين عليه في أجزاء ثانوية، ويبدو أن علماء النفس في أمريكا سواء أكانوا علماء نفس الجشطلت أو الفعل المنعكس الشرطي أو الجشطلتيون الجدد، قد اتخذوا من ثورندايك بطريقة ظاهرة أو خفية نقطة بداية لهم، ولكن العالم الذي بذل جهدا كبيرا لتطوير الأفكار التي قدمها ثورندايك والإفادة منها في مجال التطبيق العملي هو العالم الأميركي الشهير سكنر (Thorndike، 1913، pp.63).

يتبع الحلقة الثالثة / نظرية سكر وتطبيقاتها في تطوير المهارات ، ان شاء الله .


تطوير المهارات، التعلم ، نظرية المحاولة والخطأ ، ثورندايلك ، نورية العبيدي، Thorndike


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع