مدونة ياسر الدالي


في يوم اللغة العربية .. ماذا لو؟

ياسر الدالي | Yasser Addali


18/12/2021 القراءات: 5902  


*في يوم اللغة العربية .. ماذا لو؟!*
✍️ ياسر الدالي.

جُعل الثامن عشر من ديسمبر كل عامٍ يومًا عالميًا للاحتفال والاحتفاء باللغة العربية، فيمرُّ كلّ عامٍ مرور الكرام، إلا من ندوةٍ هنا، أو هناك، أو مقالةٍ تنشر هنا، أو تغريدةٍ هناك، وأكثر من ذلك عقدُ مؤتمرٍ تقدّم فيه أوراقٌ بحثيةٌ تغطّي جوانبَ لغوية مهمّة في نظر باحثيها.

لكن، ماذا لو فكّرنا تفكيرًا مغايرًا ينتشلُ أجيالنا مما نُعانيه؟!
قد يقول قائل: وما الذي نعانيه حتى تطرح مثل هكذا طرح؟
أقول: معاناتنا في حقل التربية كبير، فالأرضية التي نبني عليها أجيالنا هشةٌ وضعيفةٌ ومتآكلة، ومخرجاتنا خير دليل على ذلك، فالبكاد تجد من خريجي الثانوية مَن يكتب تعبيرًا جيدًا، أو مقالةً صغيرة، أو جملةً ذات معنى مفيدٍ وتام، أو يقدّم طلبًا صحيحًا لوظيفةٍ ما، أقول: هذا واقعنا، وهذه مخرجاتنا .. ولا عيبَ في الاعتراف بذلك طالما نحن نسعى لانتشال هذا الجيل من سياسة التجهيل التي باتت معالمها لا تخفى على كلِّ ذي لبّ.

إنّ الاهتمام باللغة العربية يبدأ من الأساس، من الأرضية الصلبة التي ينطلق منها البناء الرأسي في كل الاتجاهات بأريحية وسهولة، فاللغة العربية أساس المعرفة الأول، باعتبارها لغتنا الأم، ووسيلة التواصل والتخاطب الرئيسة بين فئات المجتمع، ولذا كانت (اقرأ)، أول توجيه نبوي لسيد الأنام - صلى الله عليه وسلم - من ربّه سبحانه وتعالى، فهذه رمزية قيّمة، تحمل دلالات عميقة في جوهرها، وهو أنّ أمرَ هذه اللغة عظيم، وأنها مفتاح التعلُّم، وبها نُبحر عميقًا في فهم كتاب الله - عزّ وجلّ - وتدبره، ثم في فهم أمور ديننا الأخرى، وأنت كقارئٍ حصيفٍ تُدرك معي تلك الدلالات والمعاني، ولا أريد الخوض فيها؛ لأنها ليست موضوعنا في هذا المقال..

إن الأساس المتين الذي ينبغي أن يلقى الدعم الكامل، والجهد المضاعف، والرعاية المتواصلة هو في مرحلة الصفوف الأولية.
- فماذا لو: صُنِعَ لهذه المرحلة المُعلّم المُحترِف، والمُعد إعدادًا قياديًا عاليًا؟!

- ماذا لو: أُعِدَّ لهذه المرحلة المنهج المهاراتي، القادر على صُنع جيلٍ قارئٍ بتمكّنٍ، وبطلاقةٍ عاليةٍ من الصف الأول؟!
لا شكّ أنّ الجهود في هذا المجال موجودة في القطاع الحكومي، والخاص، ولكنها لا تزال غير كافيةٍ، وليست في المستوى المطلوب والمرجو في نظري على الأقل.

- ماذا لو: وُضعت خططٌ تشغيلية، أو مصفوفة عملٍ مدروسةٍ لهذا المنهج، ونُفّذت بجِدٍ في جميع مدارس البلد، وبمستوى واحدٍ من العطاء؟!

- ماذا لو: صُمّمت وسائل تعليمية، وأنشطة تعليمية، وأوراق عملٍ تعلُّمية، تخدم هذا المنهج، ومخرجاته المتميزة؟!

- ماذا لو: وُجدت برامج متابعةٍ ذكيةٍ ومتواصلة، تتابع مخرجات هذا المنهج منذ الوهلة الأولى، وفي كل المراحل، وتعمل على تلافي كل قصور، وتصحيح كل خطأ، وتصفير كل ضعف؟!

- ماذا لو: وَجَدَ معلمُ هذه المرحلة التحفيز المناسب، والتشجيع الجيد، والتقدير اللائق؛ وذلك نظير تفانيه وإخلاصه في صناعة هذا النشء المبارك؟!

- ماذا لو: جرى تدريب معلمي هذه المرحلة بالذات على كيفية بناء مهارات التفكير العليا، والتفكير الإيجابي، والتفكير الإبداعي، والتفكير الناقد، وطُبّقت على تلاميذ هذه المرحلة، وبإشراف خبراء تربية؟!

- ماذا لو: جرى الاعتناء بمهارات الخط، والإملاء، والتعبير، وفق استراتيجيات تعلُّمية حديثة؟!

- ماذا لو: اقترحنا يومًا واحدًا في الأسبوع كبداية فقط، يتحدّث فيها الجميع داخل الحرم المدرسي اللغة العربية الفصحى؟! كم ستكون المتعة في ذلك؟!

- ماذا لو: أنشأنا مكتبةً (متعوبًا عليها) في كل مدرسة، تُرفَدُ بالكتب والقصص والحكايات التي تصنع النشء، وتمكّنه من الاستمتاع بقراءة ما يُحب؟!

- ماذا لو: جرى الاهتمام بكل صاحبِ موهبةٍ لُغويةٍ، ورعيناه حق الرعاية؟!

- ماذا لو: حرص كل معلمٍ أن تكون لغته في التخاطب والعطاء داخل الصف الدراسي هي اللغة العربية الفصحى والسهلة والميسّرة؟!

أختم عزيزي القارئ هذا المقال بشيءٍ واحد، هو أن أتركَك تُطلِق لمخيّلتِك العنان في حجم النتائج المثمِرة، والمَجْنِيّة من مثل هكذا مقترحات.

والله من وراء القصد.


اللغة العربية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


جميل استاذ ياسر


استفدت جدا دكتور من مقالك لك كل التقدير


مشكور أستاذ ياسر لمساعدتنا في مثل هذه الجوانب