مدونة محسن الكومي


الصوم وصناعة الشغف الوظيفي

د/ محسن الكومي | Dr/Mohsen Elkomy


30/03/2024 القراءات: 667  


(الصوم وصناعة الشغف الوظيفي)
بقلم د/ محسن الكومي
يدخل شهرنا المبارك علينا في كل عام فيتجدد ويزداد شغفنا للطاعة، ذلك أن ملهمات الشغف فيه متعددة، بعضها ذكر بالآيات القرآنية وغيرها حوته الأحاديث النبوية، فقد يزداد الشغف للصيام لتحصيل التقوى يقول تعالى ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلصِّیَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة ١٨٣] وقد يزداد الشغف للقيام وإطالة الصلاة والتهجد ففي الحديث الذي يرويه أبو هريرة "من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه"، صحيح البخاري (٣٧) ، ونظل على هذا الشغف إلى أن ندخل العشر الأواخر فيتجدد الشغف ويزداد التعلق ومن ملهمات الشغف ما رواه أبو هريرة في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" صحيح البخاري (١٩٠١) فالشهر كله شغف للطاعة، وإجمالية تجدد إيماني وتعلق قلبي بضيف يتسم بغزارة الفضل وعظيم العوائد، هذا على مسار العبادة والإيمانيات وأما على مسار الأداء والعمل الموصل إلى هذه النتائج الباهرة من الأجر، فأداء المسلم في رمضان الأصل أن يكون أداء مضاعفا وعمله متعددا ففي الحديث الذي ترويه أم المؤمنين عائشة تقول "كان النبي ﷺ إذا دخل العشرة شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله" صحيح البخاري (٢٠٢٤). إذن واقع المسلم في رمضان واقع مغاير فنتيجة الشغف المتجدد على مدار الشهر ازداد عمله وتنوعت أداءاته، وعلى هذا ينبغي أن يكون حال المسلم في أدائه الوظيفي فهو يتقلب من شغف إلى آخر ما دامت ملهمات هذا الشغف موقدة، فمن عايش شغف الطاعة في رمضان، ينبغي أن يستمر شغفه على مسارات حياته ومنها الأداء الوظيفي، فيعد الشغف الوظيفي من المحركات القوية للأفراد كي يتجهوا بمؤسساتهم إلى الريادة والرقي ولذلك يمكن النظر للشغف بصفة عامة كجواد يتخطى كافة حواجز الإحباط التي قد تحيط بالموظفين، فتضعف الهمم وتقل الإنتاجية؛ ومن الدروس المميزة في تحصل الموظف على ملهمات الشغف ما نحياه هذه الأيام من أجواء إيمانية ينبغي الاستفادة منها؛ وذلك بالنظر إلى الشغف الذي يساورنا جميعا في دخول شهرنا المبارك "شهر رمضان" وكيف أرشدنا الله تعالى ونبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم- من خلال الآيات والأحاديث إلى تجديد الشغف الإيماني في الصيام والقيام من خلال التحفيز الصريح على مكتسبات وعوائد إتقان الصيام والقيام وقراءة القرآن. وعملا بهذا الهدي الكريم في إثارة الهمم من خلال الإلهام نحو الشغف علينا أن نتقن فن صناعة الشغف الوظيفي في العمل من خلال:
الحب:
فحبك للعمل الذي تقوم به ينبغي أن ينمي فيك الشغف للعمل وإتمام المهام الوظيفية والإبداع فيها، وعليه تعمل على تنمية قدراتك في أداء الأعمال ولن يتأتى هذا إلا بحبك لما تعمل وحتى تحصل على هذا الحب ينبغي النظر للوظيفة على أنها:
- سبب الرزق الحلال الذي تتقاضاه.
- بيئة للتدريب ورفع الكفاءة
- بيت خبرة لتنمية مواهبك وصقل قدراتك.
- مصدر لعلاقات إيجابية متعددة مع الزملاء والرؤساء والعملاء
وحتى يزداد الشغف نتيجة لحب العمل، وتزداد معه الإنتاجية ينبغي أن ترصد ما تحصلت عليه بيومك وما اكتسبته، وتجمعه على مستوى الأسبوع ومنه إلى الشهر فتنتج لديك قاعدة عريضة من المنافع يسهل حصرها على مدار العام حينها ستشعر بأن العمل الذي تؤديه فعلا يستحق الحب فيزاداد شغفك للأداء ومواصلة المسيرة الوظيفية.
الدوافع:
تعتبر الدوافع من أهم ملهمات الشغف التي تسير بك إلى متابعة التميز الوظيفي، ومن ثم يمكنك الوصول إلى أهدافك وحتى يتحقق ذلك ينبغي أن ترسم وتصنع لنفسك أهدافا وظيفية متجددة من خلال:
-  كتابة دروسك المستفادة من كل موقف ومهمة وظيفية تمر بها فتعرف نواقص الأداء التي تعانيها فترسم لها خطة عمل لاكتمالها.
-  التعلم من الزملاء والرؤساء ومن كل المتعاملين معك فترصد جوانب التعلم التي تحتاجها.
-  مراقبة ومخالطة المبدعين فمن خلال أدائهم المبدع والمتنامي تتشكل وتتكون لديك دوافع التميز لتساير سيرهم وتحذو حذوهم.
الإلهام:
يشكل الإلهام طاقة إيجابية يمكنها خلق الشغف الوظيفي لدى الفرد ذلك لأنه يمتلك حينها شعورا بالتحفيز وحتى يتحصل الفرد على هذه الطاقة عليه أن يختار لنفسه ما يحفزه فيكافئ نفسه كلما أتقن شيئا جديدا وبذلك يصنع لنفسه جوا من التحفيز الشخصي الدائم.
الرضا:
يعتبر الرضا من أهم مستهدفات أقسام الموارد البشرية في الشركات والتي تسعى إلى تحقيق الرضا الوظيفي فيتوفر الشغف للعمل وزيادة الإنتاجية نظرا لشعوره بالسعادة والرضا عما يقدم من أعمال وحتى يتمكن الفرد من تحقيق الرضا المفضي للشغف على الفرد منا أن:
-  يبحث عن الإيجابيات من الوظيفة
-  يستشعر عوائد الخير من رضا الناس عما يقدمه من خدمات لهم نتيجة أعماله
إن تعلق المسلم بشهر الصيام وشغفه للعبادة وتأدية ما أفترضه الله عليه في جو مشحون بالإيمانيات يدعونا أن نتعلم الدرس من الصيام في شغفنا في كمال تحصيل التقوى والتي من دلائلها أن يكتمل إتقان العبد لمهامه الوظيفية التي وكلت إليه، وأن يستمر شغفه للعمل فما كان رمضان إلا فرصة للأداء الوظيفي الراقي، المتحصل من شغفه الإيماني


صناعة الشغف الوظيفي الصوم وعوائده الادارية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع