"خيانة الأزواج " مصطلح خفيف الأثر لتغييب خطيئة "الزنا"
د. نضيرة بريوة | Dr. Nadira Brioua
15/11/2020 القراءات: 2929
أصبحت هذه العبارة الأكثر تداولا في مجتمعاتنا اليوم بدل الكلمة الأصلية و هي "الزنا". طغت الثقافة الغربية و الدراما و غيرها من السيناريوهات المعاصرة ذات الطابع العلماني على الأسر العربية المسلمة بما فيها عقول الأزواج المسلمين و حياتهم اليومية؛ حتى أصبحت الزنا، التي هي كبيرة من الكبائر، أقل تجريما و تحريما بعد تحريفها و تحويلها إلى مصطلح "الخيانة". فالتلاعب بالمصطلحات هو تلاعب بالعقول، و بالتالي تلاعب بالمبادئ. حين كان المصطلح يحمل معناه الحقيقي الذي يصب في الحرام، و التعدي على حدود الله، و ظلم النفس، و اتباع سبيل الشيطان؛ حفظ الرجال و النساء فروجهم، و ذموا ارتكاب العلاقات بغير منظورها الشرعي، و استشعروا عظمة الخطيئة. أما اليوم و قد تحول المصطلح إلى "الخيانة"؛ فقد استصغر الأزواج الخطيئة، و انتشرت الرذيلة، و أصبحت ارتكاب الزنا رد فعل الزوج أو الزوجة لمواقف تحدث بينهم سواء؛ انتقاما، أو شهوة، أو حتى تعويضا لتقصير أحدهما. الأمر لم يتوقف في المصطلح و حسب؛ بل حتى في الطرف الذي تم التعدي على حدوده. الحقيقة أن الأزواج لا يخونون بعضهم البعض في كدا مواقف كما يروج في الدراما أو يتداول في الثقافة الغربية؛ و إنما يخونون الأمانة الإلهية و يتعدون على حدود الله كما هو مذكور في كتاب الله و سنته.. هم لم يظلموا بعضهم البعض بقدر ما ظلموا أنفسهم، و عصوا ربهم، و اتبعوا سبيل الشيطان. و بعد وقوع المصيبة؛ منهم من يختار القطيعة، و منهم من يختار إعادة بناء الثقة، و هنا كذلك نصادف مصطلحا آخرا خارج عن نطاق الثقافة الإسلامية و هو "الثقة". بعد حدوث الزنا أو ما تسمونه "بالخيانة" يا أيها الأزواج، أنتم لا تحتاجون لبناء الثقة بينكم بل التوبة بين أنفسكم و ربكم؛ التوبة من الخطيئة، و العودة للصراط المستقيم، و مناجاة الله، و التضرع إليه بعد الندم لعلكم تنجون قبل فوات الأوان. اختيار البقاء كذلك لا يسمى "إعطاء فرصة ثانية للزوج(ة)"؛ بل تعتبر فرصة للعودة إلى الله و تزكية للنفس، و محو للخطايا.. فرصة للإتيان بالحسنات لتذهبن السيئات. و لذلك كان الزواج نصف الدين. و لن تكون هذه العلاقة ربانية كذلك إلا إذا ارتبطت حياة الأزواج و الأسر بصفة عامة بالله. كزاوية ثلاثة بحيث يكون الله في الزاوية العليا، و الأزواج في الزاويتين السفليتين. لو قربنا زاويتي الزوجين تصبحان على استقامة مع زاوية الله و تظل نفس المسافة؛ في حين اقتراب زاويتا الزوجين نحو زاوية الله؛ تقترب زاويتي الزوجين بطريقة تلقائية. و لذلك وجب على كل منهما بناء علاقة وطيدة مع ربه، حتى يستطيع التمسك بدينه أولا ثم منحه و تبادله مع الطرف الآخر.. و هنا يكمن أهمية إختيار الأزواج على أساس ديني خلقي. أما أن تطغى الأفكار العلمانية و الغربية على العلاقات الزوجية و مسارهم الحياتي؛ فالزواج هنا يصبح نصف كفر، و تهلك المجتمعات كما هي عليها اليوم إلا من رحم الرحمن. كلما ابتعدنا عن كتاب الله و شرعه؛ كلما استصغرنا النواهي و فرطنا في الأوامر. و كلما اتخذنا من العلمانية منهجا؛ كلما انحرفنا، و ضعنا، و فقدنا نواة عقيدتنا الصحيحة. الإسلام ليس عبادات مفروضة و حسب بل دين. الدين منهج حياة لابد أن يكون حاضرا بألفاظه المنصوص عليها و معانيه الفقهية في حياتنا اليومية حتى نكون مسلمين قلبا و قالبا. هذا و دمنا و إياكم من الله أقرب. نضيرة
الزنا، خيانة الأزواج، الثقافة الغربية، الأسرة المسلمة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة