رأي حول العلم والعلماء والكتابة والكتاب والقراءة و القراء والنقد والنقاد
الشيخ ابراهيم آگيه | Sheikh ibrahim akih
24/12/2020 القراءات: 2985
من يكتب دائما يكون تركيزه أكثر علي الافكار والقارئ الموضوعي يقيم النص منطلقا من قيمة تلك الافكار ومدي علميتها ولايلقي للشكل بالا إلا نادرا أو حين يفرغ من المضمون ؛ والقارء الجيد او القارئ الناقد عليه أن لا يتجاوز إلى قراءة مابين السطور أو ماخلف السطور قبل أن يقرأ السطور نفسها ،أما المسكونون بهوس هدم الافكار والرؤى المختلفة عن فكرهم ومذهبهم وآرائهم فلايشغلهم أي جمال ولا قيمة علمية للنص ؛ الذي يشغلهم هو منفذ ينفذون منه لتسفيه رأي الكاتب المخالف والتركيز علي كل موطن ضعف في نصه وحتي ولو كان لون الحبر ، ويغيب عن هؤلاء أن العلم والفكر سر بقائه في أهميته العلمية وإضافاته الجديدة وصدق نية ومقصد صاحبه ، فرغم أخطاء النساخ وصلتنا نصوص من آلاف السنين وقيض لها الله من يقدر مابها من علم رغم أخطاء النساخ فالعلم دائر بين اللفظ والمعني لابين الشكل والمبني ، ولذلك قالوا في التفضيل بين البخاري ومسلم :
تشاجر قوم في البخاري ومسلم@ وقالوا أي ذين تقدم@ فقلت فاز البخاري صحة@ وفاز في حسن الصناعة مسلم
فلم يمنع عدم اتقان البخاري في نظر القائل لمنهج تبويب كتابه حقه من نيل الاعتراف بدقة منهجه في الجرح والتعديل والاعتراف له بقيمة ماعمل وصحة ماكتب ودقة ما ضبط، وفي نفس الوقت نال مسلم حظه من التقدير والانصاف والاعتراف له بنيل السبق في إدراكه لأهمية إتقان المنهج وحسن إخراج كتابه
ولذلك كونت جهود الرجلين العلمية مقياسا لأهل الفن فرتبوا الصحيح بقولهم أن اصحه ما اتفق عليه الشيخان ثم ما انفرد به البخاري ثم ما انفرد به مسلم ثم ماكان علي شرطيهما مما يعني أن الاتفاق في نتائج العلم وآراء العلماء يعطي علمايصلح للقياس بشكل مجمع عليه وهو أعلي نماذج العلم والإختلاف يعطي علما لتدعيم رأي معين بالدليل ويبقي المسألة نازلة علمية يأخذ كل فيها برأي ويتوسع البحث فيها ويستجد ويتطور حتي تكتمل صورة العلمية باكتمال الآراء والحسم فيها بالدليل
عرف الفقهاء الراجح بانه ماقوي دليله والمشهور بانه ماكثر قائله تعريفات غاية في الدقة والاهمية تحترم علم العلماء وتعترف بجميع اشكاله ودرجاته فلاهي تريد أن تلغي علماعلي أساس ضعف في الدليل ولاهي تريد أن تكرس رأيا واحدا في العلم بحجة قوة الدليل فتشكلت آراء علمهم باحترامهم لوجاهة علمية مايقدم ولو أخل ببعض الجوانب التي لاتأثر في جوهر فنهم ولاتخرج علي أصوله وقواعده الاساسية
نفس مانلقاه عند المحدثين والفقهاء نجده عند الفلاسفة والمؤرخين والأدباء وخبراء الهندسة والجبر والفلك والفيزياء وعلوم الطبيعة والطب وغير ذلك فللعلم روح واحدة لذلك قال الفلاسفة عن الحقيقة التي أرهقهم البحث عنها وهي حقيقة العلم "الحق لايضاد الحق بل يشهد له ويؤكده " والعلم حكمة والحكمة ضالة المؤمن فمتي وجدها فهو أحق بها فلا ينبغي أن يصرف نفسه عنها ويكابر ويغض الطرف عن حكمة يعلم علم اليقين صوابها ولكنها لاتتفق مع هوى في نفسه ويشرع في النقد والتأويل والتسفيه وذم الشكل والأسلوب فهو بذلك يفتح طريقا مضللا عن العلم وما أكثر أولئك للأسف في حضارتنا وما اتعس حظنا بوجود أمثالهم فهم من افقدونا السيطرة علي العلم وتصدر مشهده
العلم في كل زمان مشكل من مضمون ومنهج المضمون أولي لأنه قوام العلم والشكل أي المنهج والاسلوب والخط والتمكن من اساليب عرض الفكرة وسلامة المكتوب من أخطاء النحو واللغة وغيرها مطلوب لأنه مساعدعلي بلوغ الغاية في إتقان المضمون وترغيب القارئ فيه وتقديمه في حالة يرضي عنها الراسخون في العلم وتبعد عن صاحبه شبهة عدم الأهلية لتصدر مجالس العلم
ولكن عدم إتقان الشكل لاينبغي أن يكون على حساب المضمون "فالمضمون أولى والشكل مطلوب" كما سبقت الإشارة لذلك
ولذلك اشترط أصحاب المنهج العلمي ضوابط في الكتابة والنقد وفرقوا بين النقد الموضوعي وغير الموضوعي وحددوا شروطا للموضوعية حين يحيد عنها الكاتب او الناقد يصبح كلامه لغو فارغ لايساوي قيمة الحبر الذي كتب به والتأمل في المكتوب وتلمس أحسن المخارج للكاتب صفة محمودة خاصة إذا كنا نتعامل مع نص لانعرف صاحبه حق المعرفة.
علم،نقد،قراءة،كتابة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع