مدونة د.خديجة خيري عبد الكريم خيري


اللغة الالخميادية: لغة اسبانية مكتوبة بحروف عربية

د.خديجة خيري عبد الكريم خيري | Dr. Khadiga khairy Abdalkareem khairy


26/04/2020 القراءات: 3471  



الالخميادية Aljamía تعني الأعجمية، وهو لفظ يشير إلى أي لغة غير عربية ، والأعجمي في اللغة العربية هو غير العربي. ولفظ اللغة الالخميادية يطلق على اللغة الاسبانية( القشتالية، أو الارغوانية، أو القطلونية) المكتوبة بأحرف عربية، والتي اختصت بالمدجنين* ومن ثم بالموريسكيين°، واستعملت بصورة واسعة خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، وتوقف استعمالها بعد الطرد في عام 1609م.
أسباب نشأة اللغة الالخميادية ومدى أهميتها:
لعل من أهم أسباب استعمال الموريسكيين للغة الالخميادية هو شعورهم بانتمائهم للثقافة الإسلامية العربية، من ذلك أنهم كتبوها بأحرف عربية وليست بأحرف لاتينية، شعورا منهم واهتماما منهم وولاءً للغة العربية، وربما اقتدى المسلمون في اسبانيا بالاتراك الذين كتبوا لغتهم باللغة العربية أو ربما اقتداءً بالموحدين في الشمال الافريقي والذين كتبوا بعضا من كتبهم الدينية بهذه الطريقة.
وقد أشار بعض مؤلفي المخطوطات الالخميادية إلى أن استخدامهم لتلك اللغة راجع إلى جهل الموريسكيين باللغة العربية. أما المتخصصون في الدراسات الموريسكية في العالم الأوروبي والأمريكي والعربي فقد اتفقوا حول السبب الذي أدى إلى ظهور اللغة الاخميادية، فذهبوا إلى القول بأن ظهورها كان نتيجة طبيعية لجهل الموريسكيين باللغة العربية وقواعدها، والواقع أن قلة المتخصصين في اللغة العربية كان هو العامل الأكبر المؤثر على استعمال اللغة العربية ، وهناك من يرى أن ظهور اللغة الالخميادية ما هو إلا تعبير جديد عن الذاتية والهوية الإسلامية للموريسكيين، وهو أيضا مجاهرة بالتمسك بالعقيدة الإسلامية في وقت ضعفت فيه اللغة العربية وزاد تأثر الموريسكيين بالثقافة الاسبانية المحيطة فكان لابد من الحفاظ على صحة الدين المتوارث والحفاظ على الهوية الإسلامية .
المؤلفات الالخميادية:
يمكن تقسيم المؤلفات الالخميادية التي خلفها المدجنون ومن ثم الموريسكيون، إلى قسمين: الأول ديني والثاني أدبي، منها ما كان كتابات أصلية ومنها ما كان ترجمات لكتب مشرقية وأندلسية وأسبانية، فمن أهم ما كتبوا؛ كتاب مختصر في السنة، وكتاب التفسير، وكلا الكتابين تضمنا مواضيع تتعلق بالدين والشريعة الإسلامية والسنة النبوية المطهرة.
ومن أبرز ما ترجموا ترجمتهم لبعض من سور القران الكريم، و كتاب التفريع لأبي القاسم بن الجلاب البصري (ت:378هـ/988م) وهو جامع لأبواب الفقه على المذهب المالكي. وكتاب المختصر لمؤلفه الطليطلي، والذي يرجع إلى القرن الرابع الهجري/10م، ورغم فترته المبكرة فقد أولاه الموريسكيون أهمية واضحة، كما ظل متداولا بينهم حتى فترة طردهم من اسبانيا عام1609م، ولعل احتواء الكتاب على قواعد تطبيق بعض الشعائر الإسلامية من صلاة وصوم وزكاة و حج، بدقة ووفقا للمذهب المالكي. كان سببا لترجمة الموريسكيين له إلى اللغة الالخميادية، كما يبرر انتشاره الواسع بينهم.
أما فيما يتعلق بالمؤلفات الأدبية فنعني بها الكتابات في مجالي الشعر والقصص، ففي مجال الشعر غلب على الشعر المكتوب بالالخميادية –بشكل عام خلال فترتي المدجنين ومن ثم الموريسكيين- الطابع الديني، إذ كان مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرح العقيدة الإسلامية من أهم موضوعاته.
أما الأدب القصصي الموريسكي فيعرض من خلال المخطوطات الالخميادية قصصاً خيالياً يتناول حياة بعض الأنبياء مثل سيدنا إسماعيل و عيسى وموسى ويعقوب وسليمان عليهم السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم وصحابته، وجميعها تتسم بسمة ظاهرة؛ توارد العجائب والأساطير في ثناياها.
وتمثل (المخطوطات التي كتبت بالالخميادية)، ظاهرة ذات أهمية، وذلك أن معظمه كتب في فترة تعرض المسلمون فيها لأشد أنواع التضييق والتشريد، فأصبحت رمزا للموريسكيين ودليلا واضحا على مدى اهتمامهم بقضايا الإسلام وتعاليمه وتعليمه وتطبيقه جملة وتفصيلا.
هوامش:
*المدجن؛ لفظ يطلق على المسلم الأندلسي الذي خضع لحكم الاسبان مع بداية التقدم النصراني على الأراضي الإسلامية الأندلسية - في القرن الثاني عشر الميلادي وحتى أوائل القرن السادس عشر الميلادي- ولم يرغم على اعتناق النصرانية.
° الموريسكي؛ فهو لفظ يطلق على المسلم الأندلسي الذي أرغم على اعتناق النصرانية ابتداءً من سنة1502م.


اللغة العربية- اللغة الاسبانية- اللغة الالخميادية- المدجنيين- الموريسكيين


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع