طب الأعـشاب المعاصر بين البحث العلمي و همجية المدعين بأنهم خبراء فيه
عماد ناجي رشيد الهاشمي | Imad Naji Rasheed
02/03/2021 القراءات: 2998
في أواخر القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين ، إندفع علماء الكيمياء في إستخلاص المركبات الفعالة من النباتات و تقـليدها صناعيا لتوفير تكاليف الانتاج الدوائي من النباتات الخام فلقي ذلك قبولا واسعا بين الصيادلة و الاطباء و المرضى على السواء ، و لكن الرأسمالية الجشعة سيطرت على هذا القطاع الانتاجي الكيميائي أولاً، ثم سخرت وسائل الاعلام للترويج له و للتقليل من أهمية التداوي بالاعشاب الخام ، و ساعدهم في ذلك إخطاء العشابين من الجهلة ، و لكن بعدما برزت مخاطر الادوية الكيميائية المصنعة على الناس مثل: حالة أعراض القرحة بسبب الاسبرين ، و تعالي صيحات التحذير من الاعتماد فقط على هذه الادوية الكيميائية ، إشتدت الهجمة على العلاج البديل alternative medicine الى درجة أن الرأسماليين الغربيين أخذوا يشنعـون على مستعـملي النباتات الخام و طب الاعشاب المأثور والأمين، و الخالي من الاعراض الجانبية الضارة أنهم متخلفون و رجعيون و لا يجوز السكوت عنهم ، بل و أتهموهم بالشعوذة والدجل ! إذ إنه في أواخر القرن التاسع عشر بيعت أدوية مزيفة للمواطـنين السذج مــن الاميركيين اليائسين من الشفاء بكميات كبيرة أدت الى مشاكل صحية و اجتماعية، مما دفع الحكومة الفيدرالية الى إتخاذ إجراءات لوقف إنتاج و توزيع الادوية الخادعة فيما بعد، بــســن قانون الأغذية و الأدوية (FDA) Food and Drug Act of 1906 و الذي غاية ما توصل اليه هو كشف العلاجات المغشوشة بغض النظر عن درجة الامان أو كفاءة العلاج النباتي نفســه .
و في عام 1910 أثر تقرير فلكسنر Flexner Report فـي الحكومة الاميريكية و الاتحاد الطبي الاميريكي الذي رفع من شأن التصنيع الصيدلاني للادوية الكيميائية و أحرج المعاهد و الكليات الطبية التي تدرس طب الاعشاب و جعلها في حيرة من أمرها ، مما أجبرها على تغيير المناهج و الركض و راء الضغط المادي بشكل كبير (ENCARTA،2005).
و أخذت دساتير الادوية الغربية تستبعد النباتات الخام من طبعاتها الجديدة ، و أستبقت بعض المستخلصات النباتية حيث لم تلبث في هذه الدساتير( في الستينات من القرن المنصرم) سوى بضعة مستخلصات نباتية ، من بينها: زيت الخروع، و ماء الشبنت Dill Water و زيت الانسون، و خلاصة عرق السوس ، الخ .. حتى أن لوبي lobby شركات صناعة الأدوية pharmaceutical companies ضغط على مشرعي FDA لإصدار قانون يجبر فيه العشابين و منتجي الأعشاب أن يكتبوا على عبواتهم " أن هذا ليس بدواء" ، ثم أجبروهم فيما بعد أن يكتبوا " إن آثاره الجانبية غير معروفة على صحة المستهلك " و لو إستمر الضغط على هذا المنوال في التسعينات لأجبروهم أن يكتبوا إن هذه الأعشاب لا تنفع لعلاج أي شيء البتة ! و لكن الرأي العام الشعبي في أميريكا لم يأبه لذلك. و استمر طب الاعشاب الاصيل يناضل حتى الان.
و مما يؤسف له ان بعض الادعياء الذبن يصفون انفسهم بأنهم خبراء في طب الاعشاب و هم مجرد نقلة علم (يقرؤن ما كتب و يرددون ما يقال عن فوائد الاعشاب) قد اضروا و اساؤوا كثيرا لسمعة طب الاعشاب بجهلهم و مبالغاتهم و غلوهم في وصف نبات ما و كأنه العلاج السحري لكل علة او مرض و ينشرون ذلك في وسائط التواصل الاجتماعي على حسب النظرية سيئة الصيت ((الاعشاب ان لم تنفعك فلن تضرك)) مسببين الاذى البليغ للناس البسطاء الذين يصدقون كل ما يقرؤون. و سؤال : هل من علاج لمثل هذه الحماقات المؤسفة؟
طب اعشاب معاصر
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع