دور الاقتصاد الإسلامي في بناء نظام نقدي إنساني عادل
د.أيمن جاسم محمد الدوري | DR.AYMAN JASSIM MOHAMMED ALDOORI
30/10/2020 القراءات: 1725
من أبرز ما يُميز الدين الإسلامي أنه دين شامل لجميع نواحي الحياة، يهدُف لتحقيق المساواة الاجتماعية بين البشر، ويَعتبر الرفاهية المادية وسيلة لا غاية، وهو يؤمن نظامًا اقتصاديًا يبيح للإنسان الاستفادة من الموارد التي وهبها الله له لتلبية احتياجاته الأساسية ليعيش بشرف وكرامة بعيدًا عن الذل والإهانة، ولا غنى للمجتمع الإسلامي عن اتخاذ كافة الوسائل المباحة لتحقيق هذا الهدف، والإنسان قد لا يكتفي بالضروريات فقط بل يحتاج أيضًا للكماليات التي تجعل الحياة أكثر سهولة ومتعة، ولأن العدالة من العناصر الأساسية في الدين الإسلامي سعى الإسلام لاستئصال كل آثار الظلم والتعدي والاستغلال، وقرر عددًا من الإصلاحات الاقتصادية لتحقيق هذه الأهداف ، ويعد كل إصلاح ركن من أركان النظام الاقتصادي الإسلامي، ولعل من أبرز هذه الإصلاحات تحريم الربا، وهو وإن كان أهمَّ اصلاح قرره الشرع الحكيم إلا أنه لم يكن الإصلاح الوحيد، فهناك عدة إصلاحات قامت بها الشريعة الإسلامية غيرت النظام الاقتصادي الجائر القائم على الظلم والتفرقة بين أفراد المجتمع إلى نظام إلهي لا يفرق بين أحد، نظام دقيق يضمن الحقوق للجميع ويهدف لتحقيق العدالة بين البشر. وإن كثيرًا من الدول اليوم تسعى عبر مصارفها لتطبيق نظام مصرفي يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، ويساعد في تحقيق الأهداف الاقتصادية الاجتماعية للإسلام، مع ظل تطور النظام المصرفي التقليدي إلا أن هذا التطور والنمو الذي تحقق عندهم يقوم على توزيع غير عادل للدَّخل، إضافة لعدم وجود الاستقرار الاقتصادي فيه فكان لابد من التحويل لنظام مصرفي مناسب يخدم أهداف الإسلام، ومع أن المصارف التي أنشئت لتحقق النظام الاقتصادي الإسلامي قد تتغير بتغير الظروف فلا إشكال في ذلك فمرونة المنهج الإسلامي يتيح لتلك المؤسسات والمصارف أن تتطور تدريجاً وبما يتوافق مع أحكام الدين الحنيف. وإن من أبرز الأهداف الإسلامية التي يهدف إليها نظام الاقتصاد الإسلامي والمتمثل حاليًا في المصارف الإسلامية: التخفيف عن معاناة البشر وتحقيق معدل نمو أفضل، وتحقيق العدالة في توزيع الدخل على أفراد المجتمع، واستقرار القيمة المالية، وتوفير كافة الخدمات المصرفية للمجتمع بكفاءة لا تقل عن المؤسسات التقليدية. ومن أبرز العناصر المساعدة لتحقيق هذه الأهداف: الموازنة بين الحاجات المادية والروحية للإنسان والتي ربط بينهما الإسلام ربطًا وثيقًا، والإيمان بالأخوة الإنسانية والتي منبعها الإيمان بالله سبحانه مما يجعل الدعم المادي للضعفاء واجبًا أخلاقيًا على الأفراد، إضافة لمهمة الدولة الإسلامية والمتمثل في الحد من الحرية الفردية منعًا من الاستغلال والتجاوز على الآخرين. ومن أبرز الإصلاحات التي أحدثتها الشريعة الإسلامية لدعم الاقتصاد والنظام المصرفي اللاربوي والذي يحقق العدالة بين أفراد المجتمع: الادخار والاستثمار مع الاعتدال في الإنفاق، والتمويل بالمشاركة بشقيها المضاربة والشركة، والتمويل بالمرابحة والسّلم والإجارة، والتقليل من سلطة المصارف التقليدية المسيطرة على رؤوس أموال الآخرين. وإن هنالك فروقاً جذرية بين النظام المؤسسي التقليدي، وبين النظام الإسلامي وإن تشابها ظاهرًا، ومن أبرزها: الربا وهو الفارق الأول والأساسي بين المصارف التجارية التقليدية والمصارف الإسلامية، والاختلاف في توجه نشاط المصارف التقليدية عن الإسلامية، فالتقليدية يعتمد نشاطها على استخدام أموال الجمهور في حين أن المصارف الإسلامية تخدم الجمهور دون تخصيص لفرد معين أو جماعة معينة، إضافة إلى أن المصارف الإسلامية شاملة ومتعددة الأغراض وليست تجارية محضة فيمكنها أن تقدم تشكيلة واسعة من الخدمات إلى عملائها وأغلب تمويلها من النوع طويل الأمد مما يجعلها أقل عرضة للأزمات من المصارف التقليدية، وهناك فرق مهم آخر وهو أن المصارف الإسلامية أكثر عرضة للمخاطر من التقليدية لذا فهي أكثر حذرًا في تقويم طلبات التمويل أما التقليدية فإنها تدعم القروض بالضمانات ولا تشارك في المخاطر، ولا يتعدى اهتمامها الرئيس ضمان الأصل وجني الفوائد مما يؤدي إلى إقامة علاقات أوثق بين المصارف الإسلامية وأصحاب المشاريع لمشاركتهما في الربح والخسارة.
الاقتصاد الإسلامي، العدالة، النقد، المصارف الإسلامية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع