مقولة: (عليك بقواعد القرافي ولا تقبل منها إلا ما قبله ابن الشاط) في الميزان
19/10/2020 القراءات: 4844
لا يخفى عند المشتغلين بالفقه وقواعده -خاصة المالكية منهم- ما لفروق القرافي (684هـ) المسمى بـ«أنوار البروق في أنواء الفروق » من أثر بالغ، وقبول عريض في المذهب المالكي، بل وفي سائر الأربعة، فالقرافي هو فارس هذا الميدان وسابق فرسانه.
لكنَّ عبارة شاعت عند متأخري المالكية لللشيخ أبي حفص عمر الرجراجي (810هـ)، قال: «عليك بـقواعد القرافي ولا تقبل منها إلَّا ما قبله ابن الشاط»، رواها عنه ابن غازي (919هـ) من طريق شيخه أبي عبد الله محمد بن الحسين الصغير (887هـ)، عن شيخه أبي عبد الله محمد بن علي العكرمي (842هـ) به، [شفاء الغليل (2/1008)].
وقد فعلت هذه المقولة فعلتها، وتناقلها أهل المذهب مسلمين لها، فيقولون: «قال القرافي... وقبله ابن الشاط...وسلمه ابن الشاط... وأنكره ابن الشاط» إلخ.
وفي ظني أنَّ تسليم هذه العبارة مطلقا إجحاف بمقام القرافي خاصة وهو مِن محقِّقي هذا الفن.
فقد وقع أنْ ردَّ ابن الشاط (727هـ) رحمه الله بعض كلام القرافي ولم يُقبل منه، ووقع أنْ سلَّم بعض قوله ورُدَّ عليه، ومِن أمثلة ذلك:
قال ابن عَرْفة (803هـ): «وقال القرافي في «الفروق»: إنه المشهور، واعتراض ابن الشاط عليه مردود».
قال الحطاب (954هـ): «واقتصر القرافي في الفرق الرابع والثمانين على القول الثاني، فقال: لا فرق بين كون النجس في ظاهر الجسد أو باطنه وتبطل به الصلاة، وأنكره ابن الشاط وردَّ عليه، وقال: إنه لم يقف عليه لغيره، وكأنه لم يقف على ما نقله اللَّخمي عن ابن المَوَّاز، والصوابُ ما قاله القرافي».
قال المَجْلِسي (1302هـ): «والحاصل أنَّ القرافي نقل الإجماع على أنَّ المساجد ارتفع عنها الملك وهو خلاف ما في «النوادر»: أن المساجد باقية على ملك محبسها، وإذا لم يصح الإجماع فأقل أحواله أنْ يكون هو الراجح، مع أنَّ المحققين كابن الشاط وغيره سلموا حكاية الإجماع».
والشاهد مِن هذا أنَّ هذه العبارة ليست على إطلاقها، فأبو القاسم ابن الشاط السَّبْتِي رحمه الله من جملة العلماء، قد يكون اجتهاده في الرد أو القبول صحيحا وقد لا يكون، والحرف في هذا عرض ذلك على الأدلة.
والله أعلم.
2/03/1442
القرافي، ابن الشاط، الفروق
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع