فلسفة الصيام (الحكمة من تشريع الصوم)
امصنصف كريم بن محمد | Msansaf Karim ben mohammed
22/05/2019 القراءات: 5561
سنتكلم عن فلسفة الصيام في الإسلام.
إن الصيام ليس تعذيبا للإنسان بالتجويع والعطش؛ إذ قال تعالى في الذكر الحكيم:( طه مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى )، فما المغزى إذن من ترك شهوتي البطن والفرج في الصوم؟!
إنه التعبد لنيل الأجر والثواب، نعم ذلك صحيح؛ إذ قال تعالى في الحديث القدسي الصحيح:( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ إنه ترَك شهوتَه وطعامَه وشرابَه من أجْلي ).
لكن لا ننسى أن الشارع الحكيم جعل أحكامه معللة، وعليه فما الحكمة من تشريع عبادة الصيام؟!
ببساطة أقول إن الإسلام جاء ليخرج البشرية من الحالة الحيوانية إلى الحالة الإنسانية، وتقرير ذلك أن شهوة البطن والفرج غريزة مشتركة بين العباد والدواب، مثلها مثل انفعال الغضب المشترك بين البشر والبقر. ففي حالة الخطر المهدد بالموت جوعا كل الحيوانات تسعى لتأمين الغذاء لنفسها، وتغضب إذا حاول الآخر مشاركتها فيه، لذا فإن الخالق شرع لخلقه شهر الصيام لتعويدهم ليس على الإحساس بجوع الغير فقط؛ إذ هو شعور يعرفه الكل، وإنما على المشاركة مع الغير، والتعايش معه بمودة ورحمة، فربنا هو الرحمن الرحيم بخلقه، ويحب أن يرى أثر هذه الصفة على عباده. فرمضان هو منصة انطلاقة لتعديل السلوك البشري السيء السقيم إلى السلوك السوي السليم، والانخلاع من الصفة الحيوانية إلى الصفة الإنسانية، فهي تربية تهدف إلى استئناس الناس بعضهم بالبعض، ولا شك أن هذا لا يمكن حدوثه في حالة الانفعال الغضبي، الذي يفقد فيه الإنسان عقله الذي هو مناط التكليف، فيرتكب من الأفعال الوحشية ما تخرجه عن صفة البشر، لذلك يرشدنا الإسلام إلى ضبط النفس، وتهدئة انفعالها الغضبي أثناء الصيام؛ إذ ورد في الحديث الصحيح: ( ليس الصيامُ من الأكلِ والشربِ، إنما الصيامُ من اللَّغوِ والرفَثِ، فإن سابَّك أحدٌ أو جهِل عليك فقل : إني صائمٌ، إني صائمٌ لا تُسابِّ وأنت صائمٌ ). وبقي علينا توضيح لما الامتناع عن شهوة الفرج في رمضان فأقول: كم من الحروب اندلعت باسم الحب، فبين الحب والحرب حرف، فالغريزة الشهوانية إذا انحرفت عن الاعتدال أدت إلى القتال، لذلك يهدف الصيام إلى تعليمنا التحكم في شهوتنا وغضبنا، وخوفنا من الجوع الذي قد يؤدي إلى حالة هستيريا إذا ما انتشرت بين العوام عمت الفوضى في العالم، فينقلب العباد إلى أعداء، وتسيل الدماء لضعف إيمان الأنام بأن الذي خلق الإنسان قدر له قوته وزوجه وبأي أرض يموت.
- إن رمضان شهر عبادة لا رياضة وعيادة.
- رمضان شهر التوبة والغفران لا الفرجة والعصيان.
- رمضان شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن لا النهم والنوم والقيان.
- في رمضان قل ولا تأكل؛ قل اللهم إني صائم، ولا تأكل حسناتك بالباطل.
لقد ألمحت ولم أصرح لأن اللبيب بالإشارة يفهم، مصداقا لقوله تعالى:( وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ).
فالشهر قصير لا يحتمل التقصير، وقدومه عبور لا يحتمل الفتور، أعاننا الله وإياكم على صيامه، وقيامه، وتلاوة قرآنه.
فلماذا العصيان يا مدان؟!
لماذا في رمضان شهر الرحمة والغفران يكثر الشجار واللعان والقتال والسباب؟! لماذا العبوس بالنهار والضحك بعد الإفطار؟! لماذا تصوم يا سليط اللسان؟! ولماذا تصومين يا قصيرة الهندام؟! لما الصيام مع العصيان؟! أفطروا واتركونا في سلام وأمان يا من لا تخافون الرحمان في شهر التوبة والغفران.
وبمناسبة الشهر المبارك الفضيل كل عام وأنتم بألف خير تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وّأعاده الله علينا وعليكم باليمن والإيمان والسلامة والإسلام.
فلسفة الصيام - مقاصد الصوم
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة