مدونة محمود سيد عبد المحسن علي


مستقبل التعليم بعد كورونا آثار ونتائج

محمود سيد عبد المحسن علي | Mahmoud Sayed Abdelmohsen Ali


10/07/2020 القراءات: 4961  


تكاد مقولة (أنا موجود على الانترنت إذاً أنا موجود) تقترب من فرض نظريتها أسرع مما كنا نتوقع، فإحدى الآثار المترتبة على جائحة كورونا هي تلك التحولات الكبرى في مجال التعليم من صورته التقليدية إلى صورته الافتراضية أو ما يطلق عليه (التعليم عن بعد).
وفي هذا المقال سنلقي الضوء على الآثار المتوقعة لهذه التجربة، وحتى نوَفّي حديثنا حقه، علينا إلقاء الضوء على أثر هذا التحول على محاور العملية التعليمية كاملة المتعارف عليها بين التربويين بـ (4 M) وهي (المعلم والمتعلم والمنهج والمناخ)، وذلك بشيء من الايجاز مع التأكيد على تفاوت الآثار من مرحلة لأخري.
أولا المعلم: فقد تيسرت له وسيلة توفر له أدوات تعليمية ووسائل لم تكن متاحة داخل الفصول التقليدية، كاستخدام الصور والفيديوهات والوسائل المساعدة، هذا بالإضافة إلى أنه لم يعد يحتاج للحركة الكثيرة في وسائل المواصلات وغيرها.
وبالنظر إلى تبعاته فقد زاد عليه عبء تدريب نفسه وتطويرها، وتحمل العودة لمقاعد الدراسة بغية تقوية البنية التدريبية المحصلة ليواكب المنظومة الجديدة للتعليم، فضلا عن زيادة مدخلٍ نفسي جديد يتمثل في زيادة دوائر المراقبة لتشمل أولياء الأمور بشكل مباشر مع الطلاب والإدارة.
وسلبيا فقد فَقَدَ المعلم أداةً تعبيرية هامة، وهي استخدام لغة الجسد والإشارة والتواصل المباشر، وتزيد السلبية مع المراحل الدراسية الأولى مع عدم توفر منظومة متكاملة لتقييم الطالب عن بعد.
وبالجملة فقد اكتسب العاملون في الحقل التعليمي الكثير من المهارات العملية التي تطول فترة اكتسابها في إطار الظروف الطبيعية.
ثانيا المتعلم: فالطالب الذي زادت الشكوى من انطوائيته داخل جدران فصله، قد توفرت له فرصة جيدة للمشاركة عن بعد، بينما عانى الكثير من الطلاب من نقصان الجوانب الاجتماعية والترفيهية والاحتكاك المباشر مع أقرانهم، وهذا التأثير قد يكون له انعكاس سلبي على نفسية الطالب الذي كان ينتقل إلى المدرسة يوميا ويلتقي بزملائه ومعلميه ويشارك العامل الفكري و العامل النفسي وتتشارك الحواس بالحركة الجسدية. فأطفال الصفوف الأولي سيقل استخدامهم للقلم وسيحرم من التواصل المباشر مع معلمته والارتباط بها، كذلك سيتقلص التعلم بالحركة الذي يناسب مرحلته، فهو في ظل التعليم عن بعد يجلس مستمعا بمشاركة محدودة على الأجهزة الإلكترونية بالساعات الطويلة حيث تلقي تلك الساعات أمام الأجهزة بظلالها السلبية على صحة الطالب سيما الأعين وتيبس المفاصل من طول الجلوس وغيرها من الأضرار.
وعلى صعيد الإيجابيات سيتمكّن الكثير من الطلاب من أدواتٍ عصرية جديدة ستفيده في مناحي الحياة، وتؤهله لمستقبل لن يكون له مكان فيه بدونها.
ثالثا المنهج: ففي حوار لي مع أستاذ في كلية الطب دار الحديث حول كوْن جزيئات كثيرة زاد تفعليها من خلال استخدام التكنولوجيا في التعليم عن بعد؛ حيث يمكنك في لحظات عرض فيديو عبر شاشة منظومة التعليم عن بعد، تشرح جسم الإنسان، وتلّون عظامه، وتحركها يمنة ويسرة في سهولة لم تكن موجودة من قبل، بينما قد يعاني أهل اللغة والمخارج من توصيل غايتهم في ظل احتياجهم للتواصل المباشر مع طلابهم.
رابعا المناخ: فالتغير الحاصل في المناخ التربوي بعد هذا التحول تغيرا جزريا يحتاج إلي دراسة متأنية حتى نعالج آثاره؛ فالعلاقة بين المربي والمتربي ليست فقط وصول المعلومات واستكمال المناهج، بل التوجيه والنصح والإرشاد الذي يبنى علي العلاقات الإنسانية التي قد تخفت تحت عجلات التكنولوجيا، وكذلك علاقات أعضاء هيئة التدريس بعضهم البعض من ناحية وبالإدارة من ناحية أخرى.
فيما يبدو أن التعليم عن بعد هو مستقبل التعليم لا محالة وعليه يجب علينا دراسة الآثار مبكرا ومحاولة، وضع حلول لها ونصيحتي للباحثين في ثلاث نقاط، الأولي: محاولة وضع منظومة تربوية للتقويم الدراسي عن بعد تراعي جميع المراحل الدراسية وتوفر العدالة.
والثانية: حل معضلات الصفوف الأولي وفقدان التواصل المباشر مع المعلم.
وثالثا: إيجاد بديل عن نقصان الجوانب الاجتماعية الناتجة عن التعليم عن بعد.
محمود عبد المحسن
مستشار إداري في تطوير المؤسسات التعليمية


التعليم-كورونا-الادارة-مستقبل-نتائج التعليم عن بعد-التعليم عن بعد


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


بورك فيكم وجمعة مباركة


بورك فيكم وجمعة مباركة


وفيكم بارك الله