نريد وطن (ثورة الكرامة للشباب العراقيين)
هيثم عبد الرحمن احمد | AhmedHaitham abedalrahman
04/11/2019 القراءات: 4157
نريد وطن
دفعتني ثورة الشباب الثائر في بلدي العراق ان اكتب عن مفردة لها دلالات واثر عميق في وجدان المجتمعات والشعوب يا لها من كلمة صغيرة في عدد حروفها، ما أكبرها وأعظمها وأشملها في المعاني، فكلمة الوطن تعني البيت والحضن الدافيء، تعني المأوى والملجأ، تعني فسحة اللعب واللهو والمرتع، وكذلك تعني مكان السعادة والراحة. الوطن له حقوق عديدة، له علينا أن نحفظ ماءه الذي طالما ارتوينا به، والحفاظ على أرضه التي طالما تعبنا ونحن نلعب فوقها ونمشي عليها، تلك الأرض التي وفّرت لنا غذاءنا، والتي لطالما سحرتنا بجمالها الخلاب، وخضرتها الرائعة التي لهونا في ربوعها، يجب علينا أن نحمي سماءها التي لطالما لعبنا تحتها، وتنشقنا هواءها، يجب علينا أن نعمل على حمايته، والحفاظ على جماله، فعندما نتغنى ونسحر بجماله، يجب علينا أن نعمل لنحافظ على الجمال، بل لنزيده أيضًا. بعد كل ما سبق ذكره فإنّه من الواجب علينا -كردٍ لهذا الجميل الكبير- أن نفديه بأرواحنا، أن نجود بدمائنا رخيصة لأجله، أن نقدم كل غالٍ ونفيس من أجل الحفاظ على حريته واستقراره، وأن نمنع كل تحدٍ يعوق دون رخائه، حتى لو اضّطهدت في وطنك، حتى وإن ظُلمت في وطنك، يبقى هو الحضن الدافئ الذي يضمك، يقول في ذلك الشاعر: "بلادي وإن جارت عليّ عزيزة اهلي وإن شحوا علي كرام".
وعندما نذكر الوطن وأهمية حمايته، فإنّا نذكر الشباب أصل حضارته، وعمود تقدمه، وطاقته الدائمة المتدفقة الدافعة به في مصاف الدول التي يحسب لها حساب، ومن الدول التي تسمع كلمتهم، لذلك فمن واجب الدول صناعة جيل شاب متعلم ومثقف ومتفهم، لذلك فمن واجب المسؤولين أن يخرّجوا جيلًا قياديًا قادر في المستقبل أن يأخذ بالوطن إلى الأمام، يجب سن المناهج الهادفة، والأنشطة المفيدة، وأن توفر لهم مخيمات تنمي قدراتهم الإبداعية وتشجعهم، وتفرغ الطاقات الهادرة بطريقة إيجابية سليمة. الإنسان بلا وطن، هو بلا هوية، بلا ماضٍ أو مستقبل، فهو غير موجود فعليًا، ولبناء الوطن الرائع، لابد من بناء لبناته الأساسية بسلامة، واللبنة الأساسية لبناء كل مجتمع هي الأسرة، فإذا كانت الأسرة سليمة نتج عن ذلك وطن سليم، والعكس بالعكس، لذا فإنّه ومن واجب الوالدين أن يغرسا في نفوس أبنائهم ومنذ الصغر حب الوطن وتقديره، أنّه يتوجب عليهم أن يجدوا ويجتهدوا من أجل وطنهم الذي ولدوا وترعرعوا فيه، وشربوا من مائه، وعاشوا تحت سمائه، وفوق أرضه، وأن يتركوا لهم بصمة في هذا الوطن تدل عليهم، فالوطن لا ينسى أبناءه، ولا ينسى أسماء العظماء منهم
حب الوطن
حب الوطن شعورٌ ينشأ بالفطرة والغريزة منذ ولادة الكائن الحي، وهو موجود في داخل كل شخص منا، بغض النظر عن طبيعة موطنه، ولا يكفي أن تحب وطنك بقلبك، بل يجب عليك أن تفصح عنه، ليس بالكلام أو بالكتابة فقط، بل بأفعالك التي سترتقي به عالياً، وتجعله ذا قيمة، وذلك من خلال اكتساب المهارات والتعلم لتنفيذ ما من شأنه أن يخدم مصلحة الوطن قبل مصالحهم الشخصية، والالتزام بقوانينه والمحافظة عليه وعلى منشآته، وأن يسود هناك جوٌ من التعاون وحسن التعامل مع الآخرين.
الانتماء للوطن
إن حب الوطن أمر مرتبط بالانتماء إليه، فالإنسان بطبيعته يتأثر بالمكان الذي ولد فيه ونشأ وعاش على ترابه، ومن هنا يقع على الأهل عاتق تنشئة أبنائهم تنشئة اجتماعية صحيحة تزرع فيهم الانتماء للوطن، وتلبية مصالحه واحتياجاته وتعزيز وطنيتهم . ومن هنا تأتي الرغبة في أن تسود المحبة والمودة بين أبناء الوطن، وأن يكون هناك جو من التعاون ليكونوا متماسكين في مواجهة المصاعب والظروف المختلفة، وأن يعيش جميع أبناء الوطن حياةً كريمة، من خلال معرفة الحقوق والواجبات والقيام بها، ومن هنا أيضاً يجب على الأهل أن يغرسوا قيم المساهمة في بناء الوطن بالعلم، والدراسة، والتنفيذ، والنجاح وأن يتعلموا شعور المسؤولية تجاهه؛ لتحقيق سيادته والارتقاء به. يأتي زمان على الوطن يكابدُ فيه ظروفاً صعبةً ومحناً كثيرة، ومن واجبك أن تبين لهذا الوطن انتماءك له مهما أثرت هذه الظروف على حياتك المعيشية، وأن تمرّسَ نفسكَ على الصبر، والتضحية من أجله بتقديم كل ما تستطيع المساعدة به والدفاع عنه، من أجل الحفاظ عليه والسعي به نحو الأفضل.
يُبدي بعض الأشخاص حبَّهم للوطن وانتماءهم إليه بالكتابة عنه في التاريخ، ذاكرين أهمَّ مزاياه وتراثه الأصيل، ليبقى خالداً في العقول، وتقرأ عنه جميع الأجيال الجديدة، ولتُعرف معالم هذا الوطن وسماته ومميزاته وحضاراته وعظمة تاريخه وعراقته، وأصالة شعبه ونضالهم من أجله، مما يعزز انتماء باقي الأفراد له، ويشجعهم ذلك على الارتباط به والتمسك فيه.
حب الأوطان من الإيمان
ليس غريباً أبداً أن يُحب الإنسان وطنه الذي نشأ على أرضه، وشبَّ على ثراه، وترعرع بين جنباته، كما أنه ليس غريباً أن يشعر الإنسان بالحنين الصادق لوطنه عندما يُغادره إلى مكانٍ آخر، فما ذلك إلا دليلٌ على قوة الارتباط وصدق الانتماء؟ وحتى يتحقق حب الوطن عند الإنسان لا بُد من تحقق صدق الانتماء إلى الدين أولاً، ثم الوطن ثانياً؛ إذ إن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف تحُث الإنسان على حب الوطن؛ ولعل خير دليلٍ على ذلك ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقف يُخاطب مكة المكرمة مودّعاً لها وهي وطنه الذي أُخرج منه، فقد روي عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة: (ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ). رواه الترمذي، 3926 . ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُعلم البشرية، يُحب وطنه لما قال هذا القول الذي لو أدرك كلُ إنسانٍ مسلمٍ معناه لرأينا حب الوطن يتجلّى في أجمل صوره وأصدق معانيه، ولأصبح الوطن لفظاً تحبه القلوب، وتهواه الأفئدة، وتتحرك لذكره المشاعر.
وطن،ثورة،شباب ،عراقيين
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع