البُعد الثالث للعلم - بقلم: زينب عبد التواب رياض
د/ زينب عبد التواب رياض | Dr/ Zainab Abd El-twab Riyad
28/10/2020 القراءات: 2443
لكل شيء في الحياة منظور ثالث، يوجد ونطبقه ولا نعترف به أو قد نعترف به على استحياء..
يخضع العلم كغيره من أمور الحياة لهذا المنظور الثالث، ففي القديم رغم بداءة التقنيات وبساطة الأدوات كان عشق العلم للعلم لا لغاية.. وكان ذلك هو الأساس الذي عليه قام البُنيان، فظهرت آنذاك على الساحة رموز علمية وأدبية وفنية تركت بصمتها إلى يومنا الحالي في عقول وأفئدة المُتعلمين بل والهواه، أما اليوم فقد أصبح العلم مضغوط ومحصور في بوتقة القوانين وتطبيقات موازيين الجودة ومعامل التأثير وخلافه، فأصبح العالم في روتين بالي محصور بين قوانين وموازين جامدة وبين ضغط وخوف الفشل إذا هو لم يُطبق تلك المعايير على نفسه، فمات الإبداع وتحول عقل الباحث في العلم إلى إنسان آلي يتحرك بريموت المعايير، ويخضع لقوانين جعلته موظف في مصلحة حكومية يحكمها الروتين "الحافظ" لا "الواعي".. كان العلم قديماً يُطبق الجودة بحذافيرها دون قوالب ومسميات، كان الإبداع طليق والفكر هاوي لم يكن مُقيد ولا موضوع على كفة ميزان.. للأسف أصبح العلماء الآن على كفتي ميزان.. تُوزن أعمالهم بحسابات ومعايير تُطبق عليهم في جمود، وتحولت المنظومة إلى سوق يملأه العبيد!!
وقد يُوجه إليٌ النقد جراء هذا الرأي.. وقد يُضرب المثل ببعض الدولة الأجنبية التي وضعت نفسها الآن في مصاف الأمم المتقدمة بتطبيق معايير الجودة.. وفي إطار هذا الرأي أقول.. لقد خُدعنا!!
فهم لم يطبقوا الجودة بمعاييرها أولاً، وإنما هم تركوا حرية العقل والإبداع تتحرك ثم بدأوا في قياس مُسببات وعوامل هذا النجاح ووضعوه في كتيبات وصدروه لنا في صورة نماذج لنجاحات وموازين وعلامات.. وكالعادة نفرح جميعاً بكل ما يأتي من الخارج، نسعى وراء ونُمسك بتلابيبه ونسينا في خضم هذا الزخم أن نتذكر رموز عربية صدرت العلم الى أرجاء العام في القديم دون معايير وقوانين.. وإنما بالحب والرغبة في الإبداع والإيمان بما يفعل والانتماء إليه، فبالأخلاق والعلم والعمل تتقدم الأمم.
الإبداع، العلم، الإجبار
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع