مدونة د. سامية تومي


الخطط التحسينية للتعليم العالي وفقا لمعايير الجودة ومتطلبات الاعتماد

سامية تومي | toumi samia


07/09/2021 القراءات: 2805  


إن ما حققته المؤسسات الاقتصادية من تميز ونوعية الإنتاج إثر الثورة الصناعية نهاية القرن الثامن عشر، كان جراء تطبيق فلسفة نظام الجودة في الإدارة، إذ ازدادت الحاجة إليها بعد ظهور نظرية "تايلور" في الإدارة العلمية، ومع تطوير مفهوم الجودة أعيد تشكيله بأبعاد جديدة ولا سيما منذ بداية القرن العشرين حتى نهايته، حيث ارتبط ارتباطا وثيقا بالإدارة كوظيفة أساسية.
إن انتقال مفهوم الجودة إلى الميدان التعليمي بفعل التغيرات والتطورات المتسارعة (العولمة التكنولوجيا المعلوماتية، التنافسية، الشراكة، التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية) التي مست جميع المؤسسات الاقتصادية والانتاجية والخدماتية، أدى إلى عالمية التعليم العالي.
هذا التوجه جعل المشرفين على القطاع التعليمي يتوجهون نحو تطبيق مبادئ الجودة وذلك لمواكبة التطورات والمستجدات في مجال الإدارة للنهوض بالنظام وتحقيق الجودة والاعتماد.
وباعتبار أن مؤسسات التعليم العالي احدى ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإن عليها الانتقال إلى النطاق الدولي ولن يكون هذا إلا بالالتزام بمعايير الجودة ومتطلبات الاعتماد الأكاديمي الدوليين، وذلك بتبني مبدأ التحسين والتطوير المستمر من خلال التقييم الدوري وبناء الخطط التحسينية بشكل مستمر كحاجة ملحة لضمان جودة التعليم.
وانطلاقا من مقولة "جوزيف جوران": الجودة لا تأتي بالمصادفة بل يجب التخطيط لها، يمكن القول أن الاهتمام بموضوع الجودة والاعتماد في التعليم العالي، يتطلب الآليات والإجراءات التي يتم من خلالها تأصيل الجودة وضمانها في الأنظمة التعليمية، بدءا برصد الواقع والوقوف على نقاط القوة والضعف مرورا بالخطط التحسينية بشكل مستمر كمطلب أساسي إذا ما أردنا تحقيق معايير الجودة والاعتماد.
تعتبر الجودة في التعليم العالي إحدى وسائل التحسين والتطوير للنهوض بمستوى التعليم في عصر العولمة والجودة والتنافسية كضرورة ملحة تستدعيه التغيرات المتسارعة في التعليم ومتطلبات مواكبة المستجدات العالمية. برزت أهمية الجودة منذ بداية القرن العشرين، إذ اعتبرت الجودة الهدف الأساسي في بناء الاقتصاد والارتقاء بالإنتاجية والتميز في السوق، والحصول على المكانة التنافسية.
وتعد الجودة غاية تسعى مؤسسة التعليم العالي لبلوغها وذلك من خلال التقييم والتحسين المستمر، وهو ما يتطلب ليس فقط التركيز على التقييم الشامل للإنجازات التي تم تحقيقها في مستويات التعليم العالي (الاهداف والغايات)، بل ينبغي اعداد الخطط التحسينية بشكل مستمر لما تم الوقوف عليه من نقاط ضعف في أدائها وإنجازاتها بناء على هذه الأهداف والغايات.
وعليه فإن الخطة التحسينية لأداء مؤسسات التعليم العالي هي واقعية الانتقال من تحليل نتائج التقييم الذاتي إلى التحضير للتقييم الخارجي ومن ثم الاعتماد الأكاديمي، من خلال الخروج برؤية استراتيجية تنفيذية يمكن اعتمادها على مستوى خلايا ضمان الجودة بالجامعة، وجعلها ضمن الإجراءات التنفيذية في مرحلة ما بعد التقييم الذاتي، وهو ما يعكس مرتكزات إجراءات الخطط التحسينية من منطلق التغذية العكسية لنتائج التقييم الذاتي.


الخطة التحسينية، ضمان الجودة في التعليم العالي، معايير الجودة، التقويم الذاتي، الاعتماد الأكاديمي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


هناك قول ينسبه بعض الباحثين إلى أفلاطون هو" لا تهتم بسرعة العمل بل بجودته، لأن الناس لا يسألون كم استغرقت حتى فرغت منه بل ينظرون إلى إتقانه وجودة صنعه" وقد علمنا رسولنا الكريم في الحديث الذي رواه الإمام البيهقي رحمه الله عن أم المؤمنين عَائِشَةَ بنت الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وعن أبيها أنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ والاتقان هو لب الجودة، وقد تم الانتقال من مفهوم الجودة إلى إدارة الجودة الشاملة الذي يعد من أحدث المفاهيم الإدارية التي تقوم على عدةأفكار ومبادئ يمكن لأي إدارة جامعية أن تتبناها من أجل تحقيق أفضل أداء ممكن، كما يعد هذا المفهوم أحد الخصائص المميزة للعصر الحالي عصر المنصات الرقمية والتطور التكنولوجي المتسارع؛ العصر الذي أصبح العالم من خلاله جزءاً من سوق تنافسي كبير يتسم بكل المتغيرات المعلوماتية التقنية والمواصلات والاتصالات، التي فرضت وجوداستراتيجيات فعالة تجاه جودة الخدمات المقدمة من المؤسسات العامة والخاصة ومنها مؤسسات التعليم العالي، ومن هنا فإن عنصر الجودة يعد أحد أهم العناصر المؤثرة في مستقبل هذه المؤسسات لما لها من تأثير فعال على عناصر حياة المجتمعات كافة. إن التحديات التي تشهدها المؤسسات التعليمية في المجتمع المعاصر ترتبط بالمجالات المتعلقة بالنوعية أكثر من الكمية ةعلى صعيدي الخدمات والسلع -إن جاز التعبير-وتعد النوعية السلاح الأقوى في ساحة التنافسات التعليمي؛ ومن هنا فالخطة التحسينية في أي مؤسسة تعليمية بغض النظر عن المرحلة التعليمية التي تهتم بها لا بد أن تركز جهودها على الاهتمام بالإطار الفكري والفلسفي لإدارة الجودة الشاملة بأسسه الريئسة التالية: تحقيق رضا المستهلك(وهو هنا من ينشد التعليم العالي ويبحث عنه، و المساهمات المميزة للعاملين في المؤسسة، والاستمرار في رسم خطط التحسين والتطوير وتنفيذها ومتابعة نتائجها ومستوى الجودة فيها. الحديث يطول في مجال إدارة الجودة الشاملة لكن المقام لا يسمح بالاستطراد دمت بود د. بسام عمر غانم.... أستاذ الأصول والإدارة التربوية في كلية العلوم التربوية والنفسية في جامعة عمان العربية- الأردن