مدونة د. سالم مبارك محمد حسن بن عبيدالله


ابن جني ودوره في علم الأصوات

د. سالم مبارك محمد حسن بن عبيدالله | D. Salem Mubarak mohammed ban obaidellah


05/09/2020 القراءات: 6681  



إنّ الأوائل من علماء العربيَّة قد مهَّدوا بين يدي الأوروبيِّين جادَّة البحث المنظَّم في استكناه الصوت اللغوي، وأسهموا إسهامًا حقيقيًّا في إرساء ركائزه الأولى، إذْ أتاح لهم فرصة الاستقرار المبكِّر لحقيقة الأصوات اللغويَّة، ممَّا سجَّل للعرب في لغة القرآن أسبقيَّة الكشف العلمي، والتوصُّل إلى النتائج التي توصَّل لها علماء الأصوات المحدثين، بعد المرور بتجربة المعادلات الكاشفة، والأجهزة الفيزولوجيَّة المتطوِّرة التي أكدت صحَّة المعلومات الهائلة التي ابتكرها العرب في هذا الميدان. ومصطلح علم الأصوات مصطلح عربيّ أصيل، وقد استُعْمِل مدلولاته في الاصطلاح الصوتي بكلِّ دقَّة عند العرب القدماء، يقول ابن جني (ت: 392 هـ ): ((ولكنَّ هذا القبيل من هذا العلم؛ أعني (علم الأصوات) والحروف، له تعلُّق ومشاركة للموسيقي، لما فيه من صنعة الأصوات والنغم))( يُنظر: سرصناعة الاعراب 1|10).
فهو لا ينص عليه فحسب حتى يربطه بالإيقاع الموسيقي والنغم الصوتي، وكلاهما منه على وجه، ولا أحسب أن هذه التسمية الصريحة بهذه الدلالة الاصطلاحيَّة الناصعة قد سُبِقَ إليها ابن جنِّي من قبل، فهو مبتدعها، وهو مؤسس مصطلحها المسمى: ( phonemics )( يُنظر: الصوت اللغوي في القرآن، محمّد حسين علي الصّغير، دار المورخ العربي، بيروت ـ لبنان /17 - 18).
وهذه جهود جديرة بالاهتمام، والدراسة المتأنيَّة لتطويرها والارتقاء بها. ولقد اعتمد علماء التجويد والقراءات والعربيَّة الأوائل على الملاحظة الذاتيَّة والتجربة الشخصيَّة في دراسة الأصوات، ولا تزال هذه الوسيلة من الوسائل المهمَّة في الدرس الصوتيِّ الحديث، لكنَّ التقدُّم العلميِّ قد وضع في أيدي علماء الصوت وسائل جديدة تعتمد على الأجهزة الحديثة، فقد تمكَّنوا من خلالها من إحراز تقدُّم كبير في فهم الصوت اللغويّ والكشف عن أسراره، ولا يستغني المشتغلون بعلم التجويد وتعليم قراءة القرآن من الاستفادة من هذه الوسائل الحديثة، إذا ما توفَّرت المستلزمات الضروريَّة لذلك.


ابن جني - التراث - الصوتيات - التجويد


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع