مدونة د.اعتزاز عبدالرحمن مصطفي محمداني
التصميم الحضري العصبي والتراث الحضري الإسلامي: دراسة تفاعلية
اعتزاز عبدالرحمن مصطفي محمداني | Dr. Eatezaz Abdelrahman Mohammedani
19/10/2023 القراءات: 1785
يعتبر التصميم الحضري العصبي من المجالات المهمة في دراسة المدن العربية والإسلامية، حيث تعكس هذه المدن خصوصية تاريخية وثقافية واجتماعية تميزها عن غيرها من المدن في العالم. يهدف التخطيط الحضري إلى تنظيم الفضاء الحضري وتحسين جودة الحياة للسكان، بينما يهدف التصميم الحضري العصبي إلى استخدام مبادئ علم الأعصاب لفهم كيفية تفاعل الناس مع بيئتهم الحضرية وتحفيزهم على المشاركة في تطويرها. ويستخدم هذا المجال تقنيات مثل تصوير الدماغ وقياس معدل ضربات القلب والتعرق لتحليل ردود الفعل العاطفية والسلوكية للأفراد تجاه المناطق الحضرية المختلفة. ويهدف هذا المجال إلى تحسين جودة الحياة في المدن من خلال إنشاء بيئات حضرية مريحة ومحفزة ومستدامة. وتكمن اهمية المقال في نستعرض أهمية التصميم الحضري العصبي في فهم التراث الحضري الإسلامي، وكيف يمكن أن يساهم في إبراز قيمته وحمايته وتطويره، سنتناول ثلاث محاور لهذا الموضوع تتمثل في :
أولاً، تعريف مفهوم التصميم الحضري العصبي وأهميته في فهم التراث الحضري الإسلامي:
التصميم الحضري العصبي هو مفهوم يقوم على دراسة العلاقة بين البنية العصبية للإنسان والبيئة الحضرية التي يعيش فيها. يهدف هذا المفهوم إلى تحسين جودة الحياة الحضرية من خلال تطبيق مبادئ علم الأعصاب في تصميم المدن والمباني والمناطق العامة. أهمية التصميم الحضري العصبي في فهم التراث الحضري الإسلامي تكمن في أنه يساعد على استكشاف كيفية تأثير المدينة الإسلامية على نفسية وسلوك وتفاعل سكانها، وكذلك كيفية تأثير هذه العوامل على شكل وطبيعة المدينة. بالإضافة إلى ذلك، يساهم التصميم الحضري العصبي في إبراز قيمة التراث الحضري الإسلامي كمصدر للإلهام والابتكار في مجال التصميم المستدام والشامل. هذا المفهوم مستند على مراجع من عدة مجالات علمية، مثل علم الأعصاب وعلم النفس والتاريخ والجغرافيا والفنون.
ثانياً، استعراض بعض الأمثلة التاريخية والمعاصرة للتصميم الحضري العصبي في مختلف المناطق الإسلامية.
التصميم الحضري العصبي هو مفهوم يستند إلى استخدام الأنماط والأشكال الهندسية المعقدة والمتشابكة في تخطيط المدن والمباني والفضاءات العامة. يهدف هذا المفهوم إلى خلق بيئات حضرية متنوعة وديناميكية ومحفزة للإبداع والتفاعل وتمثل المدينة النورة نموذجا في تطبيق التصميم الحضري العصبي كما تتنوع الأمثلة التاريخية والمعاصرة للتصميم الحضري العصبي في مختلف المناطق الإسلامية ومنها :
- مدينة إسفهان في إيران، التي تتميز بشبكة من الساحات والحدائق والجسور والقنوات التي تربط بين المساجد والمدارس والأسواق والقصور. تعكس هذه العناصر التصميمية التوازن بين النظام والتنوع، وتشجع على التجول والاستكشاف.
- مدينة شيراز في إيران، التي تضم مجموعة من الحدائق العامة التي تستخدم نظام البستان الفارسي، وهو نظام يقسم الأرض إلى أربعة أقسام متساوية بواسطة قنوات مائية. تستخدم هذه الحدائق أشكالًا هندسية مثل المثلثات والمستطيلات والأقواس لإنشاء فضاءات متناسقة وجميلة.
- مدينة مراكش في المغرب، التي تشتهر بسوقها الكبير المعروف باسم جامع الفناء، وهو مكان حيوي للتجارة والثقافة والفن. يتكون هذا السوق من شبكة من الأزقة المزخرفة بالزخارف الإسلامية، مثل الزليج والخط العربي والنقش. تعزز هذه الزخارف من جمالية المكان وتبرز هويته.
ثالثاً، مناقشة التحديات والفرص التي تواجه تطبيق التصميم الحضري العصبي في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الحالية.
نجد ان تطبيق هذا المفهوم في المدن الإسلامية يواجه عدة تحديات وفرص في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الحالية فمن التحديات
- نقص الموارد المالية والبشرية والتقنية لإجراء الأبحاث والتجارب والتقييمات المتعلقة بتأثير التصميم الحضري على عمل وسلوك ورفاهية الدماغ.
- صعوبة التوافق بين متطلبات التصميم الحضري العصبي والقيم والتقاليد والثقافة والدين في المجتمعات الإسلامية، خاصة في ما يتعلق بالخصوصية والانفتاح والتنوع والشمول. وبين استجابة احتياجات وطلبات الجيل الجديد من سكان المدن الذين يتأثرون بالتغيرات العالمية والمحلية.
- عدم وجود معايير أو إرشادات موحدة أو مشتركة لتطبيق مبادئ التصميم الحضري العصبي في سياقات مختلفة من حيث الثقافة والدين والتاريخ والجغرافيا.
ولكن رغم هذه التحديات، فإن هناك أيضًا فرصًا كثيرة لتطبيق التصميم الحضري العصبي في المدن الإسلامية، مثل:
- اهتمام بعض المدن الإسلامية بالابتكار والإبداع والتنافسية على المستوى العالمي، مما يحفز تبني مبادئ وممارسات التصميم الحضري العصبي كوسيلة لتحسين جاذبية وقدرة المدن على الاستدامة والتكيف.
- تزايد الوعي والطلب من قبل سكان المدن الإسلامية على تحسين جودة الحياة في المناطق الحضرية، مما يخلق فرصًا للتفاعل والتشارك والتعاون بين المصممين والمستخدمين في مجال التصميم
يوصي المقال بضرورة الاستفادة من الأمثلة والنماذج الناجحة لتطبيق التصميم الحضري العصبي في بعض المدن الإسلامية أو غير الإسلامية، مما يمكن استخدامها كمصادر للإلهام والتعلم والتكيف والتي تعزز من تطوير وتجديد هذا التراث بطريقة تحافظ على قيمته التاريخية والجمالية، وتزيد من جاذبيته ووظيفته للأجيال الحالية
والمستقبلية.
المراجع
- عبد الوهاب، محمد (2012). "التصميم الحضري العصبي: نظرية جديدة لفهم المدينة". مجلة كلية الهندسة بالشروق، 7 (1)، ص 1-16.
- حسن، أحمد (2016). "التصميم الحضري العصبي: دراسة حالة مدينة قونية". رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة أنقرة.
- رابط، نور (2019). "التصميم الحضري العصبي في المغرب: بين التأثيرات المحلية والعولمة". مجلة علوم وتكنولوجيا المعمار والتخطيط، 35 (2)، ص 87-100.
التصميم الحضري العصبي ، التخطيط العصبي ، المدن الإسلامية، التراث، البيئة الحضرية ، العصبية .
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة