وصف إفريقيا للحسن بن محمد الوزان الفاسي الغرناطي
07/03/2021 القراءات: 2279
ضم كتاب محمد الوزان جغرافية إفريقيا العامة، فعني بوصف الطبيعة والطقس والتجمعات السكانية، ميز بين المدن والبوادي وأفرد فصولا منه لدراسة الأنهار ومجاري المياه وبين فيه مسافات الطرق، ثم أضاف إلى كل ذلك دراسة قيمة مستفيضة في أنواع الأوبئة التي تصيب ساكنة إفريقيا، وخص كل منطقة من مناطق بحثه بحديث عن الصناعة والتجارة المرتبطة بها مع ذكر ثرواتها ومعادنها، ولم يغفل أحوال تلك البلاد السياسية والدينية، وفصل في مؤلفه انتماء القبائل وأصولها وأساليب تنظيمها وحكمها وأنظمة الجباية فيها.
و قد خص بلاد المغرب، وهي التي عاش فيها ليون ودرسها عن كثب، بالنصيب الأوفى؛
فقد قسم الوزان المغرب إلى ثلاثة أقسام: مغرب جنوبي أو ناحية مراكش، و مغرب شمالي أو ناحية فاس، و قسم كل قسم منها إلى سبع دوائر. و جمع في القسم الثالث درعة و سجلماسة و نوميديا و هي ما يقع شرق سجلماسة من البلاد.
كما أبدع الحسن بن محمد الوزان في الجغرافية الوصفية و من ذلك وصف مدينة فاس؛
فقد اغتنم الوزان الفرصة في كتابه فعرض على مخيلته في هذا الجزء الذي ترجمه إلى الإيطالية مناظر وطنه العزيز، و أحيا فيه عهده ببلده فاس، فخصها ببحث مسهب جاس فيه خلال الديار، و صوب النظر نحو تلك الآثار، بفكره المحلق و خياله النافذ، و خلد ذكرى هيامه بالرفاق بعد الفراق، و البلاد بعد العباد، و علل النفس بالريادة الخيالية حيث حيل بينه و بين ما يرتجي، فخلف لنا صورة مجسمة و مثالا مسجلا لحالة فاس منذ أربعة قرون و ربع قرن، و من أغرب ما يستوقف نظر الباحث أن هذه الصورة لازالت في غالب أصولها شاخصة إلى الآن لم يغير الدهر منها شيئا كثيرا سواء في تخطيط المدينة أو تقسيمها أو أنظمتها الإدارية أو حالتها الاجتماعية و العقلية، و أظن أنها المدينة الوحيدة التي حافظت على تراث المدينة الغربية الإسلامية، فأصبح كتاب الوزان بسبب تخليد مثل هذه الأوصاف، من أهم الوثائق التاريخية و الجغرافية ، و خصص لمصر الكتاب الثامن، وهو فصل كبير، وهي التي زارها ثلاث مرات، ويتحدث فيه عن إقليمها ومدنها، ونيلها، ويتوسع في وصف القاهرة، وشوارعها وأبوابها وعادات سكانها، ويتحدث عن نظام الحكم في عهد السلطان المملوكي قانصوة الغوري.
ويلخص الوزان أحوال حكام وشعوب إفريقيا جنوب الصحراء بقوله: "إن حكام هذه الممالك وسكانها على قدر كبير من الثراء والنشاط وهم يشغفون بإقامة العدالة، ولو أن منهم طوائف تحيا نوعا من الحياة الهمجية"
وساهمت المعلومات الكثيفة والتفصيلية التي أوردها في أن تجعل من كتابه وثيقة نفيسة، ومرجعا من أهم المراجع، عن وصف إفريقيا وأحوالها في أوائل القرن السادس عشر الميلادي.
وصف إفريقيا، الحسن بن محمد الوزان الفاسي الغرناطي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع