وسائل الإعلام وخطاب الكراهية، بين حدود المسؤولية المجتمعية والممارسة الأخلاقية
نوال بومشطة | naouel boumechta
03/04/2021 القراءات: 4419
في ظل التغيرات التي تعيشها المجتمعات، أصبحت لوسائل الإعلام مسؤولية تجاه جمهورها، خاصة في ظل تعدد القنوات التلفزيونية العامة والمتخصصة التي توجه خطابا إعلاميا قد يكون إيجابيا، كما قد يكون سلبيا، وفي هذا الصدد نتحدث عن خطاب الكراهية الذي اتسعت مساحته من وسائل الإعلام التقليدية إلى الوسائط الجديدة، والتي أصبحت أداة للتحريض على العنف والتمييز بمختلف الوسائل الكلمة، أو الصورة أو الفيديو، وهنا يبرز دور الصحفي والإعلامي في تجنب هذا الخطاب و تفادي العبارات والأسلوب الذي قد يساعد على نشر الكراهية بين الأفراد أو الجماعات سواء على أساس ديني أو عرقي أو انتماء حزبي.
لقد وردت العديد من التعريفات بشأن خطاب الكراهية وتنوعت حسب الإيديولوجيات والأنظمة السياسية والتحولات التي تشهدها الساحة العالمية، وقد لفت انتباهي تعريف ورد في توصية السياسة العامة رقم 15 للجنة الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب الصادرة عن مجلس أوروبا في ستراسبورغ سنة 2016، حيث يعرف خطاب الكراهية على" أنه شكل واحد أو أكثر من أشكال التعبير المحددة أي الدعوة أو الترويج أو التحريض على الازدراء أو الكراهية أو التشهير ضد شخص أو مجموعة من الأشخاص، بالإضافة إلى المضايقة أو السب أو الصور النمطية السلبية أو الوصم أو التهديدات ضد هؤلاء الأشخاص وذلك على أساس العرق، لون البشرة، اللغة، الدين، المعتقد، الجنسية، النوع الاجتماعي".
هذا التعريف تطرق إلى أشكال خطاب الكراهية، والأسس التي يتم من خلالها توجيه هذا الخطاب، وإن كانت وسائله متعددة فإن وسائل الإعلام هي الأكثر خطورة في توجيه هذا الخطاب ونشره على نطاق واسع، خاصة وسائل الإعلام الجديد والوسائط المتعددة التي أصبحت أداة في يد الكثير يمارسون من خلالها خطاب الكراهية ونشر العنف والعنصرية عبر العالم.
وتتحدد مسؤولية وسائل الإعلام والصحفيين في بناء رسالة إعلامية هادفة بعيدة عن معاني ورمز العنف والكراهية، والتريث في صياغة هذه الرسالة باحترام القواعد المهنية والابتعاد عن العبارات المضللة والتي تحمل معاني التطرف والعنصرية والأكاذيب، وذلك يدخل في إطار الرقابة الذاتية للصحفي في كل ما يكتبه وينشره، بما يتماشى مع وظائف وسائل الإعلام في ظل نظرية المسؤولية الاجتماعية، المتمثلة في نقل المعلومة بدقة وموضوعية مع مراعاة الحقيقة والتوازن في ذلك.
وفي هذا الإطار وضعت العديد من المؤسسات الإعلامية والهيئات البحثية، دليلا للصحفيين يتضمن القواعد الأساسية لبناء القصة الخبرية من أجل تفادي وتجنب خطاب الكراهية عبر استخدام كلمات أو عبارات قد تؤدي إلى نشر العنف والتمييز والكراهية، ومن أمثلة ذلك الدليل الذي أعده معهد الجزيرة للإعلام خلال سنة 2020، وهو متاح عبر موقعه الالكتروني.
في الأخير يمكن القول أن وسائل الإعلام لها دور كبير في نشر خطاب الكراهية سواء عن قصد أو بجهل طاقمها للقواعد الأساسية اللازمة لصياغة قصة خبرية موضوعية، وهنا تبرز للواجهة أخلاقيات ممارسة المهنة من جهة ومسؤولية الصحفي والوسيلة الإعلامية تجاه الجمهور الذي يخاطبه، ولتفادي الوقوع في خطاب الكراهية، عملت العديد من الدول على تجريم ذلك من خلال قوانين ردعية تمنع نشر هذا الخطاب الذي يدعو إلى التمييز والعنف والكراهية، ومن جهة أخرى سعت العديد من الهيئات والمؤسسات الصحفية إلى وضع دليل للصحفي من أجل التحكم في بناء الرسالة الإعلامية وفق خطاب معتدل موضوعي وأخلاقي، وفي هذا ضرورة ملحة لأن يكون لكل مؤسسة إعلامية ميثاق أخلاقي واضح لتفادي نشر خطاب الكراهية مهما كانت خصوصية المجتمعات.
خطاب الكراهية-المسؤولية المجتمعية-وسائل الإعلام-الممارسة الأخلاقية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة