مدونة عباس محمد أحمد عبد الباقي


الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم- وقفة مع آية

عباس محمد أحمد عبد الباقي | Abbass Mohamed Ahmed Abdelbagi


24/11/2024 القراءات: 111  


الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم- وقفة مع آية واحدة
أنزل الله تبارك وتعالى كتابه العزيز (القرآن الكريم) بلغة العرب وألفاظهم وحروفهم؛ ولكنه ليس بشعر ولا نثر، ومنذ أن نزل حاول البلغاء والفصحاء من أهل العربية صياغة ولو ما يشبه الآية الواحدة ففشلوا وعجزوا ثم أنهم سلموا وأسلموا.
وجدوا أن آياته إذا أوضحت بإسهاب فبلا إملال، وإذا أوجزت فيلا إخلال، إذا أفردت القول كان جميلا إذ يذكر، وإذا كررت كان بديعا حيث يكرر، فأقروا بأنه معجزة فوق البديع والبيان وفوق ما يعرف الإنسان من روائع فصاحة وبلاغة اللسان، لذلك أفردوا له في تقسيم اللغة مكانا فانقسمت اللغة بعده إلى: شعر ونثر وقرآن، فهو معجز حتى في اسمه (قرآن). لقد عدَّ العلماء والبلغاء في الآية الواحدة أكثر من كلماتها من ألوان البلاغة وصور البيان.
ففي قوله تعالى في سورة هود: ﱡﭐﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋﱠ. تجد أن عدد كلماتها سبع عشرة كلمة، أوضح العلماء فيها عشرين لونا من ألوان البلاغة منها: المناسبة بين لفظي (أقلعي وأبلعي) والمجاز في (يا سماء) إذ الحقيقة مطر السماء، والمطابقة بين (السماء والأرض) والإشارة في (غيض الماء) إذ لا يغيض الماء إلا بعد أن ينقطع، والإرداف في (واستوت على الجودى) حيث تشير إلى استمرار السفينة بلا اهتزاز أو ميل، وبيان العاقبة في (وقضي الأمر) والاحتراس في (وقيل بعدا للقوم الظالمين) حتى لا يتوهم أحد أن الهلاك عام والمساواة في ألفاظ الآية فكل لفظ فيها لا يحتمل سوى معناه، والترتيب بحسب التتابع الزمني والعطف لبيان هذا الترتيب، والإيجاز فالكلمات السبع عشرة تضمنت وقائع عديدة، وقصة طويلة والتسهيم إذ يقتضي أول الآية آخرها حقا ويقينا، والتهذيب فالحروف سهلة المخارج والألفاظ كاملة الفصاحة خالية من العيوب، والتمكين فالفواصل مستقرة ثابتة.
ولا شك أن الدراسة المتأنية ستكشف المزيد على العشرين لونا التي قال بها العلماء، فما أعجز كتاب الله وما أجدره بالدراسة والتدبر.




المساواة، المطابقة، التمكين، التهذيب، الإرداف


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع