مدونة د. علي حفظ الله محمد


إحياء اللغة السبئية بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم

الدكتور علي حفظ الله محمد | Dr. ALi Hifdallah Mohammed


07/04/2022 القراءات: 1703  


إن أهم ما يمكن البدء به في سبيل إحياء اللغة السبئية هو تعلم وتعليم كيفية التواصل بها في كلامنا اليومي؛ أي كيفية نطقها في درج الكلام بسهولة المستعمل الطبيعي لا تكلفًا ولا تلكّؤًا فيه؛ لأنه لا ينفع أن تظل القومية اليمنية نظريًّا كتعبير صوري في وسائل السوشيال ميديا أو بكتابة الأسماء بالمسند أو تغيير البروفايلات بصور تعبيرية؛ لأنها لا تجدي نفعًا في معرفة اللغة التواصلية..

اللغة هي كائنٌ حيٌّ؛ تحيا بالاستعمال والتواصل اليومي؛ وتذهب وتنقرض بالإهمال وعدم الاستعمال في التواصل كغيرها من اللغات البشرية والمجتمعية؛ لاحظ أيها القارئ حتى على مستوى من يجيد اللغة الثانية سواء كانت انحليزية أو فرنسية أو أية لغة أخرى فإن مستواه يتحسّن ويعْظُمُ كلّما استعملها في حياته؛ وتضعُف لديه اللغة بمجرد الترك وعدم الاستعمال..

لذلك إن توافرت العزيمة والإرادة في التعامل باللغة السبئية المسندية إلى جانب اللغة العربية الفصحى كلغة قومية يعتز بها كل من له صلة بتاريخ وحضارة اليمنيين منذ آلالاف السنين قبل الميلاد وبعده حتى ظهور الإسلام الحنيف فعليه أن يتعلم كيفية النطق السهل في درج كلامه والتواصل المستمر(بمعنى التعبير بطلاقة وليس النطق بها مقطّعة كما نقرأ النقوش في الألواح الحجرية؛ لأن التعبير المقطّع عامل في تنفير النشء عن تعلّمها والتواصل بها؛ بل مدعاة للسخرية منه في أوساط المجتمع والاستهزاء بلغته الأم)؛ فضلا عن دمج مقرر دراسي ضمن المقررات المدرسية في الصفوف الأولى من التعليم الأساسي وتدريب مدرسي المقرر تدريبا جيدا حتى يتمكن المعلم من تدريسها بنوع من المُكنة والدُربة لتحبيب النشء في استعمالها في التعبير والتواصل..

أما عملية رسمها في الكتابة فلا يهمُّ الأمر كثيرا بقدر ما يهم تعلم نطقها بطلاقة؛ لأن الأمر الثاني يعد أهم عامل في اكتسابها وامتلاك ناصيتها؛ والابتعاد عن عوامل الهُزء بها والسخرية ممن يستعملها؛ أما الكتابة فهي معروفة بشكل جيد حتى للمبتدئ فضلا عمّن يملك أبسط معرفة بها.

وثمة تصوّرٌ قديمٌ يمكن للقارئ أن يستفيد منه وهو أن تكتب حروف اللغة السبئية المسندية حسب قواعدها القديمة التي كانت مستعملة آنذاك بإهمال حروف العلة في الرسم (الألف؛ والواو؛ والياء)؛ ولفظها في النطق؛ وكتابة التاء المربوطة تاء مفتوحة؛ كما أن عملية الكتابة بخط المسند القديم كان يتم بطريقة المحراث؛ أي من اليمين إلى الشمال؛ ومن الشمال إلى اليمين، ولكنه تطوّر وتقدّم بعد ذلك في أواخر الدولة السبئية فكُتب من اليمين حتى نهاية الكلام باستعمال /فواصل/ تفصل بين لفظة وأخرى؛ وما يميزه أيضا استعمال الألف والنون في نهاية اللفظة للتعريف؛ إذ كانت تقوم مقام (أل) التعريف في العربية الفصحى، مثل: (غ ي م ن/الغيم، ش م س ن/ الشمس)؛ وثمة ميمٌ – أيضا – تلحق بعض الأسماء وبعض الأفعال للتنوين تارة؛ أو للتنكير تارة أخرى؛ ثم إن خط المسند ينماز عن الأبجديات السامية الأخرى بوجود حرفي الضاد؛ والسين وحرف آخر بينهما ينطق (سامخ)، وهو صوتٌ بين حرفي السين والصاد، لذا فالضاد والسين صوتان موجودان في اللغة المسندية قبل وجود الخط العربي المعروف لدينا والذي نخط به هذه السطور؛ الذي تتفرد به العربية الفصحى عن سائر الساميات؛ وما يميز خط المسند -أيضا- ويجعله أكثر قربا من مستعملي العربية لاسيما أهله وخاصته ما يمتلك من خصائص التصريف والتعريب وبعض قواعد النحو العربي اليوم..


اللغة؛ السبئية، المسندية، اللغة الأُمِّ


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع