مدونة عماد ناجي رشيد الهاشمي


طب الأعـشاب المعاصر بين البحث العلمي و همجية المدعين بأنهم خبراء فيه

عماد ناجي رشيد الهاشمي | Imad Naji Rasheed


02/03/2021 القراءات: 3135  



في أواخر القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين ، إندفع علماء الكيمياء في ‏إستخلاص المركبات الفعالة من النباتات و تقـليدها صناعيا لتوفير تكاليف الانتاج الدوائي من ‏النباتات الخام فلقي ذلك قبولا واسعا بين الصيادلة و الاطباء و المرضى على السواء ، و لكن ‏الرأسمالية الجشعة سيطرت على هذا القطاع الانتاجي الكيميائي أولاً، ثم سخرت وسائل ‏الاعلام للترويج له و للتقليل من أهمية التداوي بالاعشاب الخام ، و ساعدهم في ذلك إخطاء ‏العشابين من الجهلة ، و لكن بعدما برزت مخاطر الادوية الكيميائية المصنعة على الناس مثل: ‏حالة أعراض القرحة بسبب الاسبرين ، و تعالي صيحات التحذير من الاعتماد فقط على هذه ‏الادوية الكيميائية ، إشتدت الهجمة على العلاج البديل ‏alternative medicine‏ الى درجة أن ‏الرأسماليين الغربيين أخذوا يشنعـون على مستعـملي النباتات الخام و طب الاعشاب المأثور ‏والأمين، و الخالي من الاعراض الجانبية الضارة أنهم متخلفون و رجعيون و لا يجوز السكوت ‏عنهم ، بل و أتهموهم بالشعوذة والدجل ! إذ إنه في أواخر القرن التاسع عشر بيعت أدوية ‏مزيفة للمواطـنين السذج مــن الاميركيين اليائسين من الشفاء بكميات كبيرة أدت الى مشاكل ‏صحية و اجتماعية، مما دفع الحكومة الفيدرالية الى إتخاذ إجراءات لوقف إنتاج و توزيع الادوية ‏الخادعة فيما بعد، بــســن قانون الأغذية و الأدوية ‏‎(FDA) Food and Drug Act of ‎‎1906 ‎‏ و الذي غاية ما توصل اليه هو كشف العلاجات المغشوشة بغض النظر عن درجة ‏الامان أو كفاءة العلاج النباتي نفســه ‎‏.‏
‏ و في عام 1910 أثر تقرير فلكسنر ‏Flexner Report ‎‏ فـي الحكومة الاميريكية و الاتحاد ‏الطبي الاميريكي الذي رفع من شأن التصنيع الصيدلاني للادوية الكيميائية و أحرج المعاهد و ‏الكليات الطبية التي تدرس طب الاعشاب و جعلها في حيرة من أمرها ، مما أجبرها على تغيير ‏المناهج و الركض و راء الضغط المادي بشكل كبير ‏‎(ENCARTA،‎2005)‎‏.‏
‏ و أخذت دساتير الادوية الغربية تستبعد النباتات الخام من طبعاتها الجديدة ، و أستبقت بعض ‏المستخلصات النباتية حيث لم تلبث في هذه الدساتير( في الستينات من القرن المنصرم) سوى ‏بضعة مستخلصات نباتية ، من بينها: زيت الخروع، و ماء الشبنت ‏Dill ‎Water‏ و زيت الانسون، و خلاصة عرق السوس ، الخ .. حتى أن لوبي ‏lobby‏ شركات ‏صناعة الأدوية ‏pharmaceutical companies‏ ضغط على مشرعي ‏FDA‏ لإصدار قانون ‏يجبر فيه العشابين و منتجي الأعشاب أن يكتبوا على عبواتهم " أن هذا ليس بدواء" ، ثم ‏أجبروهم فيما بعد أن يكتبوا " إن آثاره الجانبية غير معروفة على صحة المستهلك " و لو ‏إستمر الضغط على هذا المنوال في التسعينات لأجبروهم أن يكتبوا إن هذه الأعشاب لا تنفع ‏لعلاج أي شيء البتة ! و لكن الرأي العام الشعبي في أميريكا لم يأبه لذلك. و استمر طب الاعشاب الاصيل يناضل حتى الان.
و مما يؤسف له ان بعض الادعياء الذبن يصفون انفسهم بأنهم خبراء في طب الاعشاب و هم مجرد نقلة علم (يقرؤن ما كتب و يرددون ما يقال عن فوائد الاعشاب) قد اضروا و اساؤوا كثيرا لسمعة طب الاعشاب بجهلهم و مبالغاتهم و غلوهم في وصف نبات ما و كأنه العلاج السحري لكل علة او مرض و ينشرون ذلك في وسائط التواصل الاجتماعي على حسب النظرية سيئة الصيت ((الاعشاب ان لم تنفعك فلن تضرك)) مسببين الاذى البليغ للناس البسطاء الذين يصدقون كل ما يقرؤون. و سؤال : هل من علاج لمثل هذه الحماقات المؤسفة؟


طب اعشاب معاصر


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع