مدونة د.إيمان عبد الرحمن محمد عبد اللاه


خواطر فكرية حول "زمن الكورونا"

د.إيمان عبد الرحمن محمد عبد اللاه | Dr Eman Abdelrahman Mohamed Abdellah


02/03/2021 القراءات: 3113  


باستقراء الواقع الحالي حول ما استجد على المجتمع الدولي والمحلي بعد مضي ما يقارب العام لانتشار جائحة كورونا وما تم اتخاذه من تدابير واجراءات ، يجول بخاطري عدة خواطر فكرية يمكن استنباطها على مستوى الأصعدة المختلفة والتي تشير حقيقة إلى أننا صرنا في زمن يمكن أن نطلق عليه بـ"زمن الكورونا"؛ فهو زمن يتسم بالغموض حيث تتعدد فيه الآراء وتتضارب وجهات النظر وتتوه الحقائق بين الخبراء والعلماء في كافة المجالات الطبية، و الاقتصادية، والسياسية، والإعلامية، أيضا هو زمن يتسم بصعوبة تقدير فيما يطرأ على المجتمع من مفاجآت وأزمات مصاحبة لجائحة كورونا أو حتى التكهن بأبعاده؛ لذلك هو يتسم بالتغير المفاجئ وعدم الثبات، وهو فعلاً زمن نُفِذ فيه مخطط العولمة بكل أبعادها وذلك بتخطيها حدود الدول وسلطاتها.
ومن ثم يمكن تلخيص بعض هذه الخواطر حول هذا الزمن  على مستوى الأصعدة المختلفة كما يلي:
أولاً: على الصعيد الطبي والصحي:
أنه زمن يعبر عن الحروب البيولوجية ومخاطرها والتي تخرج عن معايير الدين والأخلاق والمعايرر الاجتماعية.
ثانياً: على الصعيد السياسي:
1- أنه زمن صارت فيه المنظمات الدولية كمنظمة الصحة العالمية هي المتحكم الأول دولياً في آلية التعامل مع جائحة كورونا والتي في ضوئها تتحرك الدول في ضوء ما يرد في تقاريرها سواء حول مؤشرات الإصابة أوسبل التعامل معها بتدابير واجراءات موحدة على مستوى الدول بشكل كبير، ومن ثم لم يعد قرار التعامل مع الجائحة قرارا فردياً يقتصر على دولة بذاتها بل صار موحداً على المستوى العالم وتحت مظلة واحدة.
2- زمن تعيد الدول ترتيبها عالمياً فدول تتقدم وأخرى تتراجع حسب قدرتها على استيعاب أزمة الجائحة وآثارها على مختلف الجوانب الاقتصادية والتعليمية وغيرها .
ثالثاً علي الصعيد الاقتصادي:
1- زمن تتضاعف فيه الديون ويتراجع فيه اقتصاد أغلب الدول.
2- زمن تزايدت الفجوات وتباعدت المسافات بين أصحاب رؤووس المال والأكثر فقراً.
3- زمن تقلصت فيه فرص العمل وزادت نسب البطالة مع تخلي كثير من أصحاب العمل عن العمال في شركاتهم ومصانعهم وذلك بمواكبة الإغلاق سواء الجزئي أو الكلي.
٤- زمن تضاعفت أيضا فرص العمل للبعض -حتى خارج حدود دولهم-  لمن يملك منهم المهارات التكنولوجية واللغوية والذكاء الكافي لتوظيف وسائط التواصل الاجتماعي  بما يحقق مطالبه.
رابعاً: على صعيد العلم:
1-صار العلم -للأسف- يوظف من قبل مفتقدي الضمير والشعور بالمسئولية تجاه المجتمع الإنساني لتغليب مصالح مالكي رؤوس الأموال على غيرهم .
2- وقوف العلم عاجزاً أمام هذه الجائحة في كثيرٍ من الأوقات مما يثير شكوك كثير من المؤمنين به حول صحة بعض نظرياته وقدراته في مواجهة مثل هذه التحديات، ومن ثم انقلاب النظريات والثوابت.
خامساً : على الصعيد الاجتماعي:
1-كشف "زمن الكورونا" عن حاجة أعضاء الأسرة إلى التجمع ثانية على طاولة واحدة للحوار معاً وتقريب وجهات النظر وقضاء أوقات كافية مع بعضهم البعض.
2- في زمن الكورونا تراجع دور كثير من المؤسسات الاجتماعية مع الإغلاق وعاد دور الأسرة إلى المقدمة ثانية وإن ضاعف العبء عليها إلا أنه شكل فارقاً كبيرا تجاه دورها. 3- صارت وسائل التواصل الاجتماعي من " فيسبوك وتويتر وواتس اب ...وغيرها" المصدر الأول للمعلومات بين الكثير من الأفراد ، وصار تداولها بين النشطاء عليه -دون التأكد من صحتها أو مصداقيتها شاهداً- علي غياب الثقافة العلمية والتفكير المنطقي ومؤشراً على التخبط الكبير بين روادها.
4- زمن كشف أننا من الممكن أن نعيش بلا ضغوط والتي يفرضها العمل ويدفع رواده للاندفاع خلفها مما يؤثر سلباً على علاقاتنا الاجتماعية وعلي أوضاعنا النفسية.
سادسا: علي صعيد التعليم:
1- هو الزمن الذي حدث فيه أكبر عملية إغلاق للمؤسسات التعليمية في التاريخ وفق ما ورد في تقرير الأمم المتحدة في أغسطس 2020 (التعليم أثناء جائحة كوفيد 19 وما بعدها.
2- هو الزمن الذي فرض نمطاً موحداً من التعليم في كافة المجتمعات وهو "التعليم عن بعد" عبر وسائط التعلم الرقمي ثم نظراً لمخاطر الاعتماد عليه بمفرده صار التوجه نحو "التعليم المدمج" كآلية بديلة عن التعليم المباشر حتى أن المؤسسات التعليم الجامعي قد اقرته كنمط دائم وليس مؤقتاً.
٣- هو زمن اتاحت منصات التواصل الاجتماعي الفرصة لأن تنطلق من خلالها الإبداعات والمنتجات الفكرية والعلمية على نطاقٍ واسعٍ وصار الجميع قادراً على الإفصاح عما لديه من خبرات ومعارف بكافة السبل المتاحة والممكنة. 
٤-  زمن اتاح الفرصة بشكل اكبر للاستمرارية في التعليم خارج أسوار المؤسسات التعليمية ودون قيود لينهل من يشاء ما يشاء في او قت يشاء.
  ٤- زمن هدم الصورة النمطية للتعليم ومخطئ من يظن انه يمكن إعادة غرس هذه الصورة ثانية في اذهان التلاميذ والطلاب، بل يجب التعامل مع هذا الوضع لاعادة التعليم وهيبته بشكل يتوائم مع العصر وتغيراته المفاجئة بصورة تحمل الكثير من الإبداع وتحدث ثورة في منظومة التعليم وتحقق أهدافه. 
                  وأخيراً هو زمن وجه الجميع إلى ضرورة مراجعة علاقتنا مع ربنا سبحانه وتعالي ومع من يحيطون بنا وإلى إعادة ترتيب أولوياتنا واهتمامتنا، فضلاً عن ضرورة الإيمان بأهمية المرونة والقدرة على ادارة الأزمات والتفكير خارج الصندوق، وأن نطلق صراح أفكارنا لنصير اكثر قدرة وابداع في إدارة الأزمات واستثمار تبعاتها لصالح أنفسنا ومجتمعاتنا على كافة المستويات المحلية والعالمية والانسانية.


زمن الكورونا - خواطر - الصعيد السياسي- الصعيد الصحي- الصعيد العلمي- الصعيد الاجتماعي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع