مدونة أ. م. أنس خالد إبراهيم


دور الترجمة في عملية الإثراء الثقافي للغات

أ. م. أنس خالد إبراهيم | Asst. Prof. Anas Khalid Ibraheem


06/12/2020 القراءات: 4381  


منذ زمن بعيد كانت الثقافة محصورة في نطاق ضيق يدور في فلك اللغة التي يستخدمها شعبٌ من الشعوب. ثم بدء زمن الترحال و معه ظهرت الحاجة الى معرفة اللغات و الترجمة. و على مر العصور ساهمت الترجمة في عملية تقارب الثقافات مابين تلك الشعوب حتى صارت مُعظم لغات العالم و ثقافات شعوبها معروفة لغيرهم من الشعوب. وخرجت اللغات من قوقعة الرقعة الجغرافية الى فُسحة الطريق الذي يصل شرق الارض بمغربها وشمالها بجنوبها. فأنتشرت العلوم و المفاهيم و العادات و الافكار وحتى الاديان لتخرج من بقعة صغيرة من بقاع الارض و تصل لكل اصقاع المعمورة. فصار العرب يعرفون الكثير من اللغات و الثقافات و صارت الكثير من اللغات و الثقافات تعرف العرب و العربية. ثم جاء القرآن الكريم ليكون سفير لهذه اللغة و الثقافة و سعى بها صوب مشارق الارض و مغاربها حتى صارت في يومنا هذا ثاني اكثر لغة معروفة على صعيد لغات العالم. وفي زمن العولمة و الشبكة المعلوماتية و العالم الذي اصبح قرية صغيرة اصبح بالامكان بضغطة زر ان تعرف كل شيء عن لغة او ثقافة ما في اي مكان من الارض. وهذا لم يكن ليحدث لولا اسهام الترجمة التي حملت على عاتقها نشر لغات العالم و ثقافات شعوبها. فنقل المُترجمون العرب الاوائل من قبل زمن الفتح ومابعده الاف الكتب من الفارسية و اليونانية (الاغريقية) و اللاتينية الى اللغة العربية . ومن ثم نقل المُترجمون الاجانب الاوائل الاف الكُتب ولمختلف العلوم من العربية الى باقي لغات العالم في زمن عصر النهضة العربية (سواء العلمية منها او الثقافية). لم تكن هذه المهمة بالسهلة و لم تخلو من المصاعب الجمة و المشاكل الشائكة. فالثفاقة في مفهوم الترجمة هي سمة خاصة بلغة ما دون الاخرى. وما زالت حتى يومنا هذا تُعد عملية ترجمة محتوى ثقافي للغة او شعب من الشعوب اصعب المهام التي ممكن ان يضطلع بها المُترجم. كونها تحمل بين طياتها تفاصيل دلالية و اعتبارات ثقافية و سمات لغوية لكل من اللغة المُترجم منها و اللغة المُترجم اليها. والتي يجب على المُترجم ان يأخذها بعين الاعتبار حين الترجمة. بالاضافة الى الاثر الذي سيحدثه النص المُترجم على القارئ و ثقافته المتجذرة في لغته. فليس من السهل على المُترجم العربي مثلا ان يقوم بترجمة نص ما يخالف الدين او نص ما يتعارض مع قيم و تقاليد المجتمع العربي. كما انه ليس من السهل على المُترجم العربي ان يقوم بترجمة نص عربي ذو محتوى ديني او له دلالة من قيمه العربية الى لغة اجنبية لا تعرف شيئا عن دينه او قيمه العربية . فان غير المُترجم من النص الاصلي ليتلائم مع ثقافة لغته فقد خرج عن عمله واضر بالنص . وان غير من النص الاصلي في لغته ليتلائم مع ثقافة اللغة التي يُترجم اليها فقد خان امانة العمل و اضر بالنص. وهناك الكثير من الشواهد عن مدى الضرر الثقافي و اللغوي الذي الحقه البعض منهم. لكن لا بد ان نوضح انه سيبقى الدور الابرز وعلى مر التاريخ في نقل الثقافات و اللغات من محدودية المجتمع الى افق العالم هو للمُترجم وبلا منازع.


الترجمة - الاثراء - الثقافات - اللغات - المُترجم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


مقال جد قيم . بوركتم


بارك الله فيك اخي الكريم سيد مصطفاي سامية