ريبر هبون


وطأة اليقين لهوشنك أوسي تستحق الجائزة ريبر هبون*

ريبر هبون - ريبر عادل أحمد | Reber Hebun


23/02/2022 القراءات: 1476  


وطأة اليقين لهوشنك أوسي تستحق الجائزة
ريبر هبون*
:ذكرت الأستاذة المحاضرة الفرنسية سيلفي دوكاس بمعرض حديثها عن الجوائز المقدمة للأعمال الأدبية الفائزة قائلة: „ الجوائز الأدبية هي أداة تسويقية ، تدفع إلى الكثير من الإصدارات الروائية لكنها تظل محكومة
" بتوجهات وطنية واقليمية ودولية
وبمعزل عن هذا وذاك فيما يحاك عن قضية الجوائز وعلاقتها بالسياسة فإنني سأتناول رواية وطأة اليقين للكاتب الكوردستاني هوشنك أوسي بوصفها رواية جمعت طرائقاً من السرد المتنوعة، تضمنت الحديث عن مجمل القضايا الشرق أوسطية الإشكالية منها على وجه خاص، إيحاءه في ذلك مرحلة الربيع العربي والهبة السورية ومآلاتها وتأثيراتها على الخارج، وقد برع الكاتب في هذه الرواية حين وظّف تقنيات السرد، الحوار وسلاسة الانتقال والغرائبية التي تلف الحدث وتعبّر عن مسار لرحلة ممتعة وشيقة في براري القضايا المتعلقة بأدب الثورات وأدب الرسائل والتي راحت العديد من القضايا السياسية فيه تتشابك، يرويها خيال الكاتب وتعطشه في التحلق بمتن عوالم الوطأة واستبداد اليقين بالمرء، وظف الكاتب ثقافته وتجربته في ميدان السياسة والتحليل والصحافة وأيضاً إلمامه بمختلف القضايا الشائكة اقليمياً محلياً وأوروبياً، يدفعه إلى ذلك ذخيرته المعرفية في حقلي السياسة والأدب ناقداً تارة لمآلات الحدث وموظفاً شخوص الرواية تبعاً لما يود قوله كرأي وموقف فكان المناخ السردي متسماً بغرابته وسلاسة نقله للأحداث بتراتبية والانتقال ضمن عالم متكامل متصل بعضه ببعض، لنلحظ بداية الرواية ص 9 : „بات الزمن شديد الانحطاط والتدهور، كغول يحاصرك ، ولا يتيح لك الفكاك من دنسه، حين يدنسك الزمن، ماذا بوسع الأمكنة
„! فعله لك كي تتطهر من هذا الرجس الأعمى والعاصف؟

:طبيعة السرد -

السرد في هذه الرواية هي خليط معقد ومتشابك من التخاطر والاسترسال والشعرية، الأمر الذي جعل اللغة تفكيكية، عاقد العزم على الخوض المكثّف لجملة قضايا تعتصر روح المؤلف لتجمعه مع شخوصه على قواسم مشتركة تهدف لنزع القناع عن المتواريات، فبحسب نظرية الفكر السردي فإنها" تنظر للدماغ على أنه مكون من أنظمة فرعية تعمل
" متضافرة لإثارة الوعي
هذا الوعي لدى الكاتب نابع من رهافته كشاعر وإدراكه كسياسي وفهمه لصيرورة الأحداث كصحافي، وقد تضافرت كل هذه الخبرات الإدراكية لتوضع في خدمة رواية تكشف عن المستور وتخوض في معمعمان الأقكار الهادفة لنقل تجارب إنسانية مختلفة يجمعها التبعثر والتشتت بسبب اليقين الذي تؤمن به وتعاني من ثقل حمله، ونتيجة لسلسلة الآلام التي تخوضها كل شخصية تبعاً لعالمها الذي تعيشه والمحيط الذي يتأثر ويؤثر به تبعاً للحالة الشعورية فإن الكاتب أخلص لشكل محدد يتعلق بنقد الحالة السلبية الكامنة في الممارسة السياسية والمتجسدة في حالة الفوضى الناجمة عن الاستبداد والفساد فقد خيّل للمتلقي أننا أمام أدب الرسائل الحاملة في دفتها الكثير من التفاصيل المركبة والمعقدة لكنها تتلاقى عند نقطة نقد السلطة بشقيها القائم كمؤسسة دولتية وأخرى معارضة لها، فنجد الكاتب في بداية روايته قد اختار السرد المباشر المستند على تشاؤمية مفرطة من الواقع السياسي ويظهر هنا تأثره بالكاتب السوري محمد الماغوط ورائعته سأخون وطني، مناخ رواية تؤرشف حياة الحالمين والرازحين تحت وطأة ذوي
. السلطة والنفوذ ممن يمتلكون اليد الباطشة

: الرصد المكاني-

نتأمل هنا ص 22 :“مازالت ذاكرته محتفظة بسحر وألق ذلك المشهد والأصوات المشاركة في تشكيله، هدير القطار المتداخل مع خوار البقرة وصياح الديك وثغاء الأغنام الآتي من الحظيرة الموجودة في زاوية حوش الدار، هو الذي
" يوقظه بعد فشل النسائم العليلة في إيقاظه
لقد اعتمد الكاتب الكشف عن المكان بتصوير حمل حزمة من الأدوات المؤلفة لطبيعة الحياة، وهو بذلك يمهد للاستدلال عن طبيعة تلك الحياة التي خبرها بما تحتويه من بساطة وقسوة عاكسة للشجن والحنين إلى البيئة التي خرج من رحمها حيث المكان لا يضمحل أثره في الذاكرة فيقوم الرصد للمكان بتفعيل بنية السرد بكونه مصدر إغراء للعودة إلى الجذور والماهية، جيّش المؤلف ذاكرته وأطلقها في متن السرد ليضاعف الإحساس بالبيءة من كونها
. بوابة للولوج للغة الرواية المفصحة عن حياة الإنسان


شعر نقد - نثر - دراسات - أبحاث -فلسفة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع