مدونة الدكتور طلال ناظم الزهيري


عملية بولونيا في التعليم: وقابلية التنفيذ في مؤسسات التعليم العالي العربية

الدكتور طلال ناظم الزهيري | Talal Nadhum Azzuhairi


12/05/2023 القراءات: 2033  


عملية بولونيا هي مبادرة إصلاح شاملة ومستمرة في التعليم العالي في دول الاتحاد الاوربي، تم إطلاقها في عام 1999. وقد أخذت اسمها من مدينة بولونيا بإيطاليا ، حيث وقع وزراء التعليم من 29 دولة أوروبية في البداية إعلانًا لإنشاء نظام أوروبي أكثر تماسكًا وتناغمًا منطقة التعليم العالي. الهدف الرئيسي لعملية بولونيا هو تسهيل تنقل الطلبة بين الجامعات الاوربية، وتحسين جودة وشفافية التعليم العالي ، وتعزيز الاعتراف الدولي بالمؤهلات داخل البلدان المشاركة. تستند عملية بولونيا إلى مجموعة من المبادئ والأهداف الرئيسية ، والتي تشمل:
• تنفيذ برنامج تعليمي يستمر الى ثلاث درجات، البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، يضمن هذا الهيكل توافق المؤهلات وسهولة فهمها عبر مختلف البلدان والمؤسسات.
• إنشاء نظام تحويل الرصيد المتراكم: يوفر نظام تحويل الرصيد الأوروبي وتراكمه إطارًا مشتركًا لقياس ومقارنة عبء عمل الطلاب ونتائج التعلم. تُستخدم نظم الأرصدة لتسهيل نقل الاعتمادات بين المؤسسات والبلدان ، مما يمكّن الطلاب من الدراسة في الخارج والاعتراف بدراساتهم السابقة.
• تؤكد عملية بولونيا على أهمية ضمان الجودة في التعليم العالي. اذيتم تشجيع البلدان المشاركة على إنشاء آليات ووكالات وطنية لضمان الجودة في المؤسسات والبرامج تتوافق مع معايير الجودة المتفق عليها. هذا يعزز الجودة الشاملة للتعليم العالي.
• تهدف عملية بولونيا إلى تعزيز الاعتراف بالمؤهلات عبر البلدان المشاركة. إن إنشاء أطر عمل وطنية للمؤهلات واستخدام ملحق الدبلوم، الذي يوفر وصفًا موحدًا للإنجازات الأكاديمية للطالب ، يسهل التعرف على المؤهلات وقابليتها للمقارنة و يسهل اجراءات التنقل والخدمات الطلابية اذ تسعى عملية بولونيا إلى تعزيز تنقل الطلاب عن طريق إزالة العقبات التي تحول دون الاعتراف بالمؤهلات وتسهيل نقل الاعتمادات.
• يشجع على تطوير خدمات دعم الطلاب ، بما في ذلك المعلومات والإرشادات ، لضمان أن الطلاب يمكنهم اتخاذ خيارات مستنيرة والحصول على تجربة دراسية ناجحة في بلدان مختلفة.
• التعلم مدى الحياة وقابلية التوظيف: تدرك عملية بولونيا أهمية التعلم مدى الحياة واكتساب المهارات العامة والقابلة للتحويل. يشجع على دمج مهارات التوظيف والخبرة العملية في برامج التعليم العالي لإعداد الخريجين بشكل أفضل لسوق العمل.
بشكل عام توسعت عملية بولونيا لتتجاوز الدول الموقعة عليها وهي تضم الآن 48 دولة مشاركة في جميع أنحاء أوروبا وخارجها. كان تأثيرها كبيرًا في تحويل أنظمة التعليم العالي، وتعزيز تنقل الطلاب ، وتعزيز الاعتراف الدولي بالمؤهلات. لقد أصبح نموذجًا للإصلاح التعليمي وألهم مبادرات مماثلة في مناطق أخرى من العالم.
وتطمح اليوم بعض الدول العربية الى تطبيق عملية بولونيا في نظامها التعليمي من اجل احداث تغييرات إيجابية في أنظمتها التعليمية. ومما لا شك فيه ان اهم متطلبات التحول الى نظام عملية بولونيا في مؤسسات التعليم العالي العربية يتطلب سلسلة من الاصلاحات و المستلزمات وكما يلي :
1. يجب إجراء إصلاحات شاملة للمناهج الدراسية لمواءمة برامج شهاداتها مع نظام تحويل الرصيد المتراكم . يستلزم هذا الإصلاح اعتماد نهج معياري ، وتخصيص ساعات معتمدة للبرنامج التعليمي ، وتسهيل تحويل الرصيد من الوحدات الدراسية بين المؤسسات. تعزز هذه الإصلاحات الحراك الأكاديمي ، وتمكن الطلاب من متابعة أجزاء من دراستهم في جامعات ودول مختلفة.
2. ضمان الجودة يعد جانبًا رئيسيًا في عملية بولونيا. بالتالي يجب على الدول العربية انشاء وكالات وطنية لضمان الجودة والمراقبة المستمرة لتقييم جودة مؤسسات التعليم العالي .حيث تجري هذه الوكالات عمليات تدقيق مؤسسية، وتعزز أنظمة ضمان الجودة الداخلية ، وتشجع الجامعات على الانخراط في عمليات التحسين المستمر.
3. التنقل والاعتراف احد اهم اهداف العملية لذا يجب على الدول العربية اتخاذ خطوات لمواءمة أنظمة الاعتراف الخاصة بها مع منطقة التعليم العالي الأوروبية، مما يضمن الاعتراف بالمؤهلات التي حصل عليها الطالب المحلي في اي بلد آخر. ولا شك ان هذا سوف يسهم في تشجيع التبادل الأكاديمي ، والبرامج المشتركة ، والتعاون البحثي بين الجامعات العربية والأوروبية ، وتعزيز التفاهم الثقافي وإثراء الخبرات التعليمية.
4. يتطلب التنفيذ الناجح لعملية بولونيا مشاركة نشطة وتعاونًا بين مختلف المؤسسات التعليمية وهذا يتطلب مشاورات وحوارات مكثفة مع الجامعات والحكومات وأرباب العمل والطلاب. يضمن هذا النهج الشامل فهمًا شاملاً لأهداف بولونيا ويعزز الشعور بالملكية بين جميع الأطراف المعنية. اذن ان منهج التعاون يعدا امراً حاسمًا في دفع الإصلاحات الضرورية والحفاظ على تأثيرها على المدى الطويل.
وهنا تجدر الاشارة الى جدوى تطبيق النظام في الدول العربية وما هي اهم التحديات والصعوبات المحتملة : على سبيل المثال يمكن ان يسفر اعتماد عملية بولونيا في الدول العربية عن فوائد عديدة. اهمها:
• تعزيز جودة الشهادات والاعتراف الدولي بها، مما يؤدي الى زيادة القدرة التنافسية للخريجين العرب في سوق العمل العالمي.
• التركيز على التعلم والتنقل المتمحور حول الطالب سوف يسهم في رعاية نهج شامل للتعليم، مع التركيز على التفكير النقدي، ومهارات حل المشكلات، والكفاءة بين الثقافات.
• علاوة على ذلك ، فإن تنسيق البرامج التعليمية قد يسهّل التعاون الأكاديمي والتبادل العلمي بين المؤسسات العربية والأوروبية ، وبما يعزز علاقة المنفعة المتبادلة.


Bologna Process، عملية بولونيا في التعليم، التعليم الجامعي، التاهيل الأكاديمي، الجامعات العربية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع