مدونة أ. د. محمود أحمد درويش


موسوعة رشيد الجزء الأول التاريخ والاستحكامات الحربية (3)

أ. د. محمود أحمد درويش | Mahmoud Ahmed Darwish


20/10/2020 القراءات: 3289  


عنى محمد على بإقامة القلاع والاستحكامات فشرع في بناء سور حول مدينة رشيد وأبراج خارجها، واستدعى مهندسا فرنسيا في الاستحكامات يسمى جاليس، وعهد إليه اختيار السواحل ووضع مشروع لاستحكاماتها، وقد قام بتحصين قلعة قايتباى ووضع فيها أربعة عشر مدفعا، وأصدر إسماعيل باشا تعليمات بترميم الحصون وتسليحها بالمدافع.
ومن ثم وضعت خطة الحفر والترميم بناء على هذه المصادر جميعا، وقد كان دور كبير في سرعة إنجاز المهمة الموكلة الينا بالكشف عن هذه القلعة توطئة لترميمها ترميما شاملا.
واستطاع الباحث وضع المخططات والرسوم التوضيحية لعناصر القلعة بعد تحديد جميع معالمها المعمارية والفترات الزمنية التي مرت بها هذه المعالم كل على حده، وأمكن تحديد أعمال التجديد طوال الفترة منذ القرن الثالث عشر حتى القرن التاسع عشر في عهد الظاهر بيبرس والسلطان قايتباي والسلطان الغوري والعصر العثماني وعصر محمد على، كذلك أمكن الوصول إلى أن هذه القلعة قد أنشئت على غرار فنار الإسكندرية الذي أنشئت عليه قلعتها.
بدأت أعمال الحفائر تمهيدا لترميم القلعة، وقد تم إجراءها بالموقع بأعماق وصلت إلى ثلاثة أمتار كان أغلبها تحت مستوى سطح المياه الجوفية بحثا عن أساسات القلعة وبصفة خاصة البرج الداخلي والأجزاء الداخلية.
ورغم قصر المدة التي تمت فيها أعمال الحفائر والتي لم تتجاوز الشهر إلا أنها أسفرت عن نتائج هامة جدا، حيث أمكن تتبع أساسات القلعة ودراسة حيثيات الحفائر وتوثيقها وتصويرها، ورسم مخطط كامل للقلعة في كل فترة من الفترات التي مرت بها، وبذلك أمكن وضع حد للجدل الذي ثار حول هذه القلعة وتاريخها وتطور موقعها وعناصرها الحربية وهذا ما لم يحدث من قبل، كما تم وصف القلعة التي لم يسبق لأحد أن وصفها أو قام بدراستها دراسة مستفيضة كاملة.
ومن المراجع التي تناولت القلعة بشكل مباشر أو غير مباشر ألارد (Allard) وآلدر (Adler) وتيرش (Thearch) وجولوا (Jollios) وجراتيان لوبير وعبد الرحمن زكي وسعاد ماهر.
أما مخططات المجلس الأعلى للآثار (هيئة الآثار المصرية سابقا) فقد سبق أن خرجت بعض المخططات والرسوم التوضيحية للقلعة وقد ظهرت بها بعض العناصر التي أمكن الاستفادة منها أثناء البحث وكذلك أثناء الحفائر، وأول هذه الرسوم ما يوضح القلعة من اتجاه الشرق حيث تظهر بعض عناصرها، وهناك رسم آخر تظهر فيه القلعة بشكل مستطيل ويقع المدخل في الجنوب وفى الأركان تقع الأبراج الأربعة وهى دائرية تحيط بها أبراج شبه مربعة، وفى وسط القلعة أطلال مخازن وجامع ومئذنة.
وهناك مخططان للقلعة الأول يوضح المخطط المستطيل وفى الأركان أبراج دائرية يحيط بها أبراج مربعة، وفى الوسط بقايا حواصل متخربة بها دورة مياه ومسجد، أما المخطط الثاني فهو غير منتظم وتتخذ الأبراج فيه شكلا أقرب إلى الواقع، كما أن هناك رسما للواجهة القبلية يظهر به البرج الجنوبي الغربي وبعض مزاغل بالواجهة والمدخل، كذلك الواجهة الغربية المتهدمة، والواجهة البحرية وتظهر بها آثار البرجين الشمالي الشرقي والشمالي الغربي، وهناك رسم يبين قطاعا بالبرج الجنوبي الغربي وقطاعا رأسيا في البرج الداخلي.
كما أجريت الدراسة التاريخية الوافية لمدينة رشيد، والدراسة الوصفية الاستقرائية للاستحكامات الحربية استنادا على الحفائر والعناصر الثابتة المتبقية بالقلعة، والدراسة التحليلية لعناصر التخطيط المعماري والعناصر المعمارية والدراسة المقارنة مع الاستحكامات المعاصرة.
بدأت الحفائر متزامنة مع مشروع الترميم الذي كان قد بدأ بآثار المدينة، فكان لزاما الإسراع في الحفائر حتى يتسنى وضع التصور النهائي للقلعة من خلالها، مما دعا إلى تكثيف العمل في عدة مجموعات في أرجاء القلعة سواء بالداخل أو الخارج، وقد كان الحفر يتم تحت مستوى سطح المياه الجوفية للوصول إلى أساسات القلعة بالأسوار والأبراج والبرج الداخلي، وتوصلت الحفائر إلى اكتشاف الخندق الذي كان يحيط بالقلعة، والمدخل وتفاصيل الأسوار والأبراج، وتحديد عناصرها المعمارية وعناصر البرج الداخلي.
وقد أسفرت أعمال سبر أغوار القلعة إلى دحض ما سبق من نظريات حول التخطيط، والتوصل إلى حقيقته، وسوف تتضح معالم هذا التخطيط عند الحديث عن هذه القلعة بالدراسة الوصفية. وأمكن وضع عدد من الرسوم المعمارية لجميع عناصر القلعة والتي أكدت التشابه الكبير بينها وبين قلعة قايتباي بالإسكندرية، وأمكن إجراء دراسات التأصيل التاريخي والمعماري، فأصبح لدينا العديد من النتائج التي سيتم عرضها بالدراسة التحليلية.


رشيد - الاستحكامات الحربية - الحملة البريطانية - العصر المملوكي - عصر محمد علي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع