مدونة د. اوان عبدالله محمود الفيضي


نداء:- الدعوة الى الايمان والعمل الصالح

د. اوان عبدالله محمود الفيضي | AWAN ABDULLAH MHMOOD ALFAIDHI a


28/10/2019 القراءات: 4791   الملف المرفق


اشتهرت مدينة الموصل بأنها أم الربيعين , ونعتت بهذا اللقب لظهور فصلي الربيع والخريف بوضوح فيها , ولكن مع مرور الأيام أمسى ربيعها يمتاز بالعجاج والأجواء المغبرة بالتراب , وبات الأصحاء مرضى من قبل أن يشتد المرض بأصحاب العلل الآخرين, فسبحان الله مغير الأحوال فبعد أن كانت أم الربيعين تزهو بصفاء الأجواء أصبحت أجواءها لا تطاق على الرغم من ظهور مؤسسات للأخذ بأسباب العلاج , وصدور قوانين تحمي البيئة كقانون حماية وتحسين البيئة العراقية النافذ رقم 3 لسنة 1997 , وظهور مؤسسات ومنظمات حماية البيئة وعلى رأسها وزارة البيئة التي تهتم بالبيئة ووسائل حمايتها والمحافظة عليها من آثار الإنسان المؤذية , وغدى الإنسان نفسه يعاني من الأذى ومن انتهاكات لأبسط حقوقه , وازدادت معاناته على الرغم من ظهور مؤسسات ومنظمات أخرى تعنى بحماية حقوق الإنسان وعلى رأسها وزارة حقوق الإنسان , ظهور دوائر وهيئات لمحاربة الفساد كهيئة النزاهة لمحاربة والقضاء على الفساد الإداري المتفشي في المجتمع . وحقيقية فأن حال أم الربيعين ليس أفضل من حال باقي المناطق الأخر , ليس على الإنسان فحسب بل على كل المخلوقات الأخر,كالحيوانات والنباتات بل وحتى على الجمادات التي ضاقت ذرعا بهذه الأجواء والانتهاكات لحقوقها, وغدت هذه الحالة ليست استثنائية عابرة تحدث لمرة أو بضع مرات, بل أصبحت متكررة وعلى مدى سنوات عدة, بحيث كادت أن تكون هي الأصل في أم الربيعين وظاهرة طبيعية عامة تعم البلاد.وبدأ البعض من المصلحين ينادي في العلاج بأنواعه, فنادى منهم بالزراعة التي تثبت التربة , ونادى آخرون على تشجيع المزارعين على زراعة الأشجار والمحاصيل الزراعية وفتح المعامل والمصانع التي تنشطها وعلى إدامة الأحزمة الخضراء التي تصد الرياح والغبار , وعلى تشجيع الباحثين من المراكز البحثية ذات العلاقة على تقديم الدراسات العلمية لمعالجة ظاهرة التصحر وتفعيل نتائج وتوصيات تلك الدراسات , والتطبيق والتنفيذ الفعلي لها...وحقيقة لازالت صيحات الاستغاثة تنطلق من أم الربيعين لنجدتها , ومنها صيحاتنا بان تكون ام الربيعين مفعمة بالربيع بأنواعه بالإيمان والعمل الصالح وزراعة الخير والسعي جاهدا في الدعوة لذلك , وحث الآخرين على التعاون معا من أجل أن تصبح ليس فقط هي عامرة بالخير وربيعه فحسب بل البلاد والعالم بأسره , فتكون بيئة صالحة لعيش الإنسان وباقي المخلوقات , وذلك بزراعة الخير والصلاح والقضاء على الشر والظلم والفساد والتخريب بأنواعه, والتساؤلات التي تطرح نفسها عن كيفية كون العلاج يكمن في هذا الأمر ؟! وعن كيفية زراعة الخير؟! والحقيقة فان دعوتنا مطلقة , إذ لم نحدد نوع معين من العمل الصالح , والأهم أنه لم نحدد لمن يقدم هذا الخير , فلم نخص فئة معينة من الناس , بل توصياتنا حول الدعوة ننطلق بأن يكون العلاج بدء بالنفس , فدعوتنا إذن عامة للإيمان بالله تعالى والعمل الصالح وفعل الخير للجميع قال تعالى:((من عمل صالحا من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )) سورة النحل/97 , والملاحظ أن العمل الصالح سبق الإيمان في الآية الكريمة للدلالة على أهمية العمل الصالح وإعطاءه مكانه , مع العلم أن العمل الصالح هو جزء من الإيمان , فالإيمان بالله تعالى أعم وأهم ويشمل العمل الصالح , والترابط بين الإيمان والعمل الصالح صميمي ومهم , إذ يجب وبالضرورة ربط الإيمان بالعمل الصالح, وهذه الدعوة ينبغي أن تكون بأية وسيلة بالكلمة الطيبة أو النصح والإرشاد والتوجيه بالحكمة والموعظة الحسنة ,فدعوتنا لا ترتبط بعمل محدد بالذات , بل يعد مجرد ابتسامة في وجه أخيك صدقة وعمل صالح, وينبغي عدم الاستهانة بأي عمل صالح حتى ولو كان بسيطا , كأن تلقى أخاك بوجه حسن أو افشاء السلام أو مساعدة الفقراء واليتامى والمساكين , فقد روى في الأثر عن عبدالله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال لي النبي(صلى الله عليه وسلم) (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ) أخرجه مسلم, فالخير والشر والعدل والظلم والحق والباطل متضادات , وهم في صراع أزلي مستمر منذ أن خلق الله تعالى الخلق , فمنذ خلق أدم عليه السلام , والشيطان لعنه الله تعالى هو وأعوانه يزرع الشر والفساد والتعدي , ويغوي الآخرين على نشره ,والصراع بينهم باق منذ الازل ومستمر إلى أن تقوم الساعة , إلا أن انتصار الخير والحق والعدل أمر محتوم وبالضرورة حتى لو تمكن الشر والظلم من أن ينفذ أنيابه وسمومه في عصر من العصور, ويزداد نسبته , فالمسألة نسبية فقد يغلب نسبة الشر في عصر ما وترجح كفته , وفي عصر أخر يغلب نسبة الخير وترجح كفته , إلا أنه بالمحصلة النهائية فأن المعادلة تبقى صحيحة كالقانون الطبيعي فالخير والحق والعدل هو الغالب المنتصر, وما دعوة الأنبياء للرسل إلا إلى الحق والعدل والخير للجميع, والغريب أن الكل يعلم بهذا الأمر إلا أن الغالبية تتجاهل هذه الحقيقة أو تغالط هذه المعادلة , ولكن هيهات هيهات , فالخير والحق والعدل غالب لا محال في ذلك ولو كره الكافرون , فالكل مسؤول مسؤولية تضامنية عن أن يكون بؤرة خير وشمعة مضيئة في هذا الليل المفعم بالغبار , يدعوا إلى الخير ويعمل على زراعته مع الدعوة المستمرة لتبليغ الآخرين بان يكونوا أيضا بؤرة أخرى للخير , وان يدعوا الآخرين لفعله , فالكل يصبح حينئذ بؤرات خير وشمعات مضيئة بالخير في هذا الظلام الدامس, فأنى للظلام أن يدوم ؟! وبهذا يكون الربيع عامر ليس في أم الربيعين فحسب بل العالم بأكمله , وليس في هذين الفصلين فقط , بل في كل الفصول وعلى مدى السنين , فعلى الجميع تقع إذن مسؤولية ذلك بأن يكونوا دعاة للخير والصلاح ومحاربة الشر والظلم والفساد ودحره بكافة صوره , ولنكن ينابيع ومفاتيح للخير والصلاح , ومغاليق للشر والظلم والفساد , ولتكون أم الربيعين مركز الينبوع الأصلي للخير والربيع والعطاء لكل العالم, فان حققنا الخير فقد فزنا بمرضاة الله تعالى ونفعنا الناس وعم الخير والصلاح للجميع , وان أحبطنا لا قدر الله تعالى فأجرنا على الله وحسبنا صدق اجتهادنا بالدعوة ونيتنا الخالصة لله


نداء دعوة العمل الصالح والخيري اصلاح المجتمعات