مؤسسات التعليم العالي: منارات التعافي المجتمعي بعد الحروب
د. آدم أحمد آدم | Dr. Adam Ahmed Adam
27/06/2024 القراءات: 740
للحروب آثار فورية ومباشرة على الناس وأخرى طويلة الأمد تؤثر على الصحة النفسية والجسدية لأفراد المجتمع وتنعكس على تاريخه وحاضره ومستقبله بالإضافة للآثار الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عنها، وأحد أهم التحديات التي تلي الحروب هي إعادة بناء رأس المال البشري وفي هذا السياق تُعد مؤسسات التعليم العالي الأكثر إسهاماً من خلال التدريب والتأهيل للكوادر البشرية في شتى أنواع العلوم وتقديم البرامج المستمرة للمساعدة في تحديث المهارات ومواكبة التطور وإعادة التأهيل مرة أخرى بعد إضرابات الحرب.
وتُعد البحوث العلمية والتطوير التقني والتكنولوجي من أهم أساسيات إعادة البناء بالنسبة لاقتصاد ما بعد الحرب، لابد أن تركز مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحوث على الأبحاث التطبيقية لدراسة الظواهر المحلية وايجاد الحلول لها، ففي بلد مثل السودان يجب أن يكون تركيز الأبحاث في مجال التقانات الزراعية وتطوير البنية التحتية وكذلك استخدام التكنولوجيا في تنمية الصناعات المحلية والصغيرة وزيادة الإنتاج.
يجب أن تركز مشروعات الجامعات السودانية على تحقيق التنمية المستدامة من خلال دمج عناصر الاستدامة في المناهج الأكاديمية والمشاريع البحثية والتركيز على البرامج التي ترفع الوعي بثقافة ريادة الأعمال، كما أن الشراكات بين مؤسسات التعليم العالي والقطاعات الحكومية والخاصة مهمة في هذه المرحلة من أجل تنفيذ مشاريع تعزز النمو الاقتصادي للدولة وإدارة مواردها الطبيعية وإعادة بنائها بطرق تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
لابد أن تركز الجامعات ومؤسسات التعليم العالي على إعداد قادة أكفاء قادرين على إدارة الشؤون العامة بحنكة ونزاهه وفعالية، وتوفير التدريب للمسؤولين الحكوميين وأفراد المجتمع المدني من أجل تحقيق مبدأ الحوكمة في إدارة مؤسسات الدولة.
أيضاً من أهم الأدوار التي يمكن أن تقوم بها مؤسسات التعليم العالي من خلال برامج دراسات السلام والأمن المجتمعي هي المساعدة في تحقيق المصالحة الوطنية وتعزيز الحوار ومعالجة جذور أسباب الصراع وتعزيز التفاهم بين مختلف فئات المجتمع، فمؤسسات التعليم العالي يجب أن تكون منصات محايدة تتيح لكافة أفراد المجتمع تبادل الآراء والأفكار بحرية لبناء جسور التواصل بين الناس في مجتمع متعدد ومتباين الثقافات والأعراق والأديان.
توفير الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين بالحرب يُعد من الأدوار المهمة لمؤسسات التعليم العالي، فمن خلال إجراء الدراسات الاجتماعية والنفسية للمجتمع في مرحلة ما بعد الحرب يمكن معالجة الكثير من الصدمات النفسية والاجتماعية الناجمة عنها، كما يمكن توفير برامج التثقيف النفسي وكيفية التعامل مع الإضطرابات النفسية وكذلك برامج العلاج النفسي من خلال جلسات علاجيه تقدمها العيادات النفسية والأخصائيين النفسيين في الجامعات لمعالجة المشاعر السلبية وأعراض اكتئاب ما بعد الأزمة والدعم النفسي للناجين من العنف الجسدي والجنسي وكيفية إدارة الضغوط.
وأخيراً فإن مؤسسات التعليم العالي تُعد ركيزة أساسية في عملية تعافي المجتمعات بعد الحروب من خلال أدوارها المختلفة التي تتراوح بين التعليم والتدريب والبحث والابتكار وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لمجتمع ما بعد الحرب ليصبح أكثر استقراراً وتعافي.
د. آدم أحمد
تعليم عالي - الحروب - رأس لمال البشري - الدعم النفسي -
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة