حسن أبو الخير


محنة الإمام أحمد بن حنبل في خلق القرآن

دكتور حسن أبو الخير | Dr. HASSAN ABULKHAYR


01/06/2020 القراءات: 2901  


في محنة خلق القرآن التي تعرَّض لها أهل السنة والجماعة في مطلع القرن الثالث على يد المعتزلة والسلطان من العِبَرِ والعظات، والفوائد والخبرات، والأحكام والمجريات، ما لا يستغني عنه طالب العلم والعلماء في كل زمان ومكان.
وممن نصر الله عز وجل الحقَّ على يديه في هذه الفتنة والمحنة أحمد بن محمد بن حنبل (ت 241 هـ)، الذي لُقِّب بعدها بإمام أهل السنة؛ لما قام به من نصرٍ لعقيدة أهل السنة بالحجة والبيان في وجه المعتزلة المتكلِّمين، وبالصبر والسلوان في وجه خلفاء بني العباس، إلى أن رفع الله عز وجل المحنة بالخليفة المتوكِّل.
وفي كتاب «محنة الإمام أحمد بن حنبل» جمع: حنبل بن إسحاق بن حنبل (ت 273 هـ)، يستعرض ابن عم الإمام أحمد، وهو حنبل بن إسحاق، قصةَ المحنة مع الإمام أحمد من أولها في عهد الخلفاء الثلاثة: المأمون والمعتصم والواثق، إلى نهايتها في عهد المتوكل، إلى وفاة الإمام رحمه الله، مما سمعه حنبل بنفسه من الإمام وشاهده وحضره، أو مما سمعه من أبيه إسحاق بن حنبل عمِّ الإمام أحمد.
والكتاب نُشر قديمًا نشرة رديئة خالية من أسس التحقيق، ومليئة بالتصحيفات والتحريفات والزيادات والإقحامات، فأعاد المحقِّقُ وفقه الله تحقيقَه على نسختين خطيتين على المنهج المعتمد عند محققي المحققين بعد جُهدٍ جهيد، وعناء مرير، إلى أن خرج في حلته البهية، وطلعته السنية.
وقَرَنَ المحقِّقُ تحقيقَ النص بدراسةٍ وافية شافية عن: مميزات رواية حنبل للمحنة، وحياة الإمام أحمد، وترجمته، وصفاته، وطلبه للعلم، وعن روايات المحنة التي وصلت إلينا، ومراتبها، وعن رواية حنبل وأسانيدها التي وصلت بها إلينا، ودراسة هذه الأسانيد وترجمة رواتها، وعن مصادر أخرى مسندة للمحنة من رواية حنبل، ومصادر غير مسندة، وزيَّن هذا كله بمشجر زهيٍّ لهذه الأسانيد الوارفة.
ثم دَرَسَ المحقِّقُ النسخَ المخطوطة للكتاب، ووصفها وما بها من طباق السماع العديدة، وبين خصائص كتابة النسختين المخطوطتين في قواعد العربية, ووضح المنهج المتبع في تحقيق نص المحنة، وطريقة نشره، وتأكيد صحة عنوان الكتاب ونسبته، ونشرته السابقة، وصور من المخطوطتين، إلى غير ذلك من مهام التحقيق والدراسة.
وختم المحقِّقُ نشرةَ الكتاب بصناعة كشافات متنوعة: للآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأثار الموقوفة والمقطوعة والأعلام والبلدان والأماكن والفرق والطوائف والكتب والرسائل، وثَبَتٍ بالمصادر والمراجع، ومحتويات الكتاب.
ولم يألُ المحقِّقُ جُهْدًا في ضبط النص، وتفقيره، وتنقيطه، وتشكيله، وترقيمه، وتخريج الآيات والأحاديث والآثار، وترجمة الأعلام والبلدان والكتب، وبيان غريب الكلمات، ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.
فاللهم اجزه خيرًا، واجعله خالصًا لوجهك الكريم، واجز كلَّ من طالعه وتعلَّمه وعلَّمه وساعد في نشره خيرًا في الدنيا والآخرة.
[ذكر محنة الإمام أحمد بن حنبل، جمع حنبل بن إسحاق، تحقيق: حسن بن عبد الحفيظ أبو الخير، البحث العلمي للتحقيق والدراسات، دار ابن الجوزي، ودار إبداع، ط1، 1441هـ/ 2019م]


الإمام أحمد بن حنبل، حنبل بن إسحاق، محنة، خلق القرآن، أهل السنة والجماعة، المعتزلة، طباق السماع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع