مدونة مفيد ذنون الملا ذنون


هل صحيح ان تتولى الدولة الصناعة الوطنية او دعمها؟

مفيد ذنون الملا ذنون | Mufeed Dhanoon Almula-Dhanoon


29/06/2021 القراءات: 1531  



كثيرا من الناس يدعون الى استثمار الدولة لاموال النفط في اقامة صناعات وطنية، ودعم الصناعة القائمة. هذه الاراء مترسخة كوصفة جاهزة من قبل العامة للبدء في التنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل. هذه الفكرة مبنية على تجربة كثير من الدول النامية خلال حقبة مابعد الحرب العالمية الثانية ومنها العراق تحت مظلة دور الدولة الحاسم في تحقيق التنمية، وقبل ذلك بعقود في الولايات المتحدة وبريطانيا.
ولكن السؤال مانصيب هذه الفكرة من الصحة؟
للاجابة على السؤال نعرض بتلخيص وتبسيط شديد لفكرة ستراتيجية التنمية. هناك ستراتيجيتان للتنمية الاولى: تقوم على فكرة احلال الاستيرادات، والثانية: تقوم على فكرة تشجيع الصادرات.
الستراتيجية الاولى تؤمن انه يمكن لاي دولة سد احتياجاتها بما تنتجه. ومن ثم فان اقامة صناعة وطنية ودعمها، وفرض رسوم كمركية على الاستيرادات، سيكون كفيلا بتوفير السلع والخدمات المنتجة محليا، وتوفير وظائف للناس. ما العيب في ذك؟ العيب الاساسي هو الكلفة فالانتاج المحلي ينتج بكلفة عالية بسبب صغر حجم الانتاج الذي يفرضه صغر سوق بيع المنتجات (حيث من المعروف ان الانتاج الكبير ينطوي على انخفاض كلفة انتاج الوحدة الواحدة، وهو ما تفعله الصين اليوم)، وهذا سوف يضيف الى تكاليف المعيشة من جهة، والى اضطرار الدولة الى تحمل عبء دعم كلف الانتاج العالية لكي يمكن بيع المنتجات بسعر معقول. وطبعا لايمكن تصدير المنتج لان كلفته عالية وكمياته محدودة. هذه هي نوع التنمية التي تقودها الدولة او تدعمها، وبضمن ذلك ما تحقق في العراق خلال الستينات والسبعينات. و قد تم التخلي عن هذه الستراتيجية تدريجياً من قبل الدول النامية عموما في ثمانيات وتسعينات القرن العشرين بسبب الفشل الذي اثبته في تحقيق التنمية وانهاكها لميزانيات الدول ورفع تكاليف المعيشة على الناس.
الستراتيجية الثانية تفترض ان التنمية ينبغي ان تقوم على انتاج موجه للتصدير. وسبيل تحقيق ذلك هو الانتاج الواسع ومن يقوم بذلك الشركات المتخصصة التي لها حصص كبيرة في السوق العالمي، من خلال الاستثمار الاجنبي او منح التراخيص للانتاج في الدولة المضيفة. هذه الستراتيجية اعتمدتها الصين وبشكل متدرج منذ الثورة الثقافية في بداية الثمانينات. فحققت سبقا في التنمية السريعة واصبحت منافسا لاكبر الاقتصاديات، والدولة رقم واحد في الصادرات عالميا منذ اكثر من عقد من الزمن، بعد سنوت طويلة من اعتمادها ستراتيجية احلال الاستيرادات التي ابقتها تراوح في مكانها في فخ تنمية منخفض. وهذا ايضا ما فعلته دول الخليج النفطية وخاصة السعودية والامارات، فحققت تنوعا في الانتاج المحلي وتقليص الاعتماد عى النفط.
الاجابة على السؤال اذن تكون: ان المطالبة باقحام الدولة في التصنيع و/ او دعمه هو دعوة للوقوع في فخ النمو المنخفض وتراجع المستوى المعاشي. والطريق الافضل تحقيق استقرار سياسي وبيئة استثمارية مناسبة لبدء استثمارات منتجة على المستوى المحلي والاجنبي. واقتصار دور الدولة على اقامة البنى التحتية، واعادة توزيع الدخل. وامتناع الدولة تماما عن توسيع القطاع العام من خلال التوظيف الزائد. ومن المعروف ان الميزانيات الجيدة هي الي تشكل مابين 30-50% من الدخل القومي، والتي يخصص 80% منها على اعادة التوزيع.


احلال الاستيرادات، تشجيع الصادات، الدعم الحكومي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع