الصوت ذاك العالَم الغامض..
د. ريمه عبدالإله الخاني | D. RIMA ABDULILAH ALKHANI
29/04/2020 القراءات: 5184
مررت يوما وفي عام 2006 للمركز الثقافي بدمشق سائحة محاولة البحث عن بصمتي الأدبية وسط الأقلام الكثيرة، التي شقت طريقها في زحمة الأقلام قبلي...وبعد ما حضرت تلك الأمسية القصصية همس أحدهم في أذني بصوت منخفض واثق وواضح:
-لقد تابعت قلمك في الإنترنيت جيداً..فإن أردتِ أن تشقي طريقك لعالم الكتاب بقوة، اذهبي لمنبر اتحاد الكتاب الفلسطينيين، فهناك النقد لايرحم، ستخرجين للنور بعد ذلك كما تريدين وأفضل.فكان...
ماسر هذا الصوت الهامس؟ كيف فعل فعل السحر فانصعت ومضيت بلا مناقشة؟.
في واقعنا...كثيرا ما تتبعنا خلافات الصغار، وأيقنا بقوة، أن من كان صوته عاليا، هابه الآخرين،ولم يعودوا يناقشوه البتة، حتى لو كان سارقا لألعاب أقرانه. وربما كان زمرة من المسالمين، تنازلوا عن حقهم حتى لا يتعرضوا لما تعرض له غيرهم، ولكن نصل للنقطة العمياء الجوهرية عبر السؤال:
كيف تدافع عن حقك؟
ذلك أن الأهل يقفون موقف المدافع دوما، حتى يتعلم التواكل، ولا يتقن فن الدفاع عن النفس، ولكن لو أتقنها فسوف ينتقل إلى مرحلة متقدمة من مراحل الدفاع عن النفس، فإما تكون بالمنطق، أو الصمت عند الجدل العقيم، أو المنطق التجريبي عند السعي لنيل الحقوق، فتارة بالسعي وأخرى بالجدال وغيرها قانونا وسلطة.ماذا لو قال له: لو رددت لي لعبتي سوف أكافؤك بما تحب؟.
يمكننا تقسيم الأمر إلى : حق ونص حق ولاحق.
إذا قلنا إن الساعة المعطلة والمتوقفة، ستعطي التوقيت مرتين في اليوم بشكل صحيح .فهذا يعني أنه لايمكن أن نكون غالبا على باطل تماما، ولا يمكن أن نكون دوما على حق تماما، فللحقيقة وجهان. لذا فالحلول أيضا لها عدة أوجه، ويعتبر الصمت خير الحلول عند اشتداد وتيرة الجدل البيزنطي وقوة المقدرة على تحويل الحديث، أقوى من الانسحاب، الحلان الأوليان يبقيان أفضل، من احتدام الخلاف بلا حل واضح، خاصة إن كان الطرف الآخر، يبحث معتد برأيه ولايحمل دور المستمع المنطقي والموضوعي.يقول مؤلف كتاب كيف تسيطر على الآخرين -بتصرف- :
-إن اكتساب القوة عن طريق كونك تملك نصف حق، وإنه من النادر أن نجد الموقف الذي تسود فيه حقيقة واحدة، لذا يمكننا أن نرى شخصين في أي وقت يتصرفان عبر هذا الموقف المتشابه بطريقتين مختلفتين، ولعل معظم المواقف تحمل قضية نصف الحق، لذا فالطرق مختلفة الحل.
المهم في موضوعنا هذا، أن للصوت المنخفض تأثير أدوم من الصوت العالي غالبا، وهذا لايمنع من أن الخواص النفسية للإنسان لها أسرارها الخاصة، فمنهم من يستجيب ويتقبل الصوت العالي،ومنهم العكس. ويبقى الصوت الواثق والمنخفض أبلغ تأثيرا.ماهو الصوت وكيف نفهمه؟:
الصوت معجميا في لسان العرب
الجَرْسُ، معروف، مذكر؛ فأَما قول رُوَيْشِدِ بن كَثيرٍ الطائي: يا أَيُّها الراكبُ المُزْجِي مَطِيَّتَه، سائلْ بَني أَسَدٍ: ما هذه الصَّوْتُ؟ فإِنَّما أَنثه، لأَنه أَراد به الضَّوضاءَ والجَلَبة، على معنى الصَّيْحةِ، أَو الاستغاثة؛ قال ابن سيده: وهذا قبيح من الضرورة، أَعني تأْنيث المذكر، لأَنه خروجٌ عن أَصلٍ إِلى فَرْعٍ، وإِنما المُسْتَجاز من ذلك رَدُّ التأْنيث إِلى التذكير، لأَن التذكير هو الأَصْلُ، بدلالة أَن الشيء مذكر، وهو يقع على المذكر والمؤنث، فعُلم بهذا عُمومُ التذكير، وأَنه هو الأَصل الذي لا يُنْكَر؛ ونظير هذا في الشذوذ قوله، وهو من أَبيات الكتاب:إِذا بَعْضُ السِّنينَ تَعَرَّقَتْنا، كفَى الأَيتامَ فَقْدُ أَبي اليَتيم قال: وهذا أَسهل من تأْنيثِ الصوتِ، لأَن بعضَ السنين: سنة، وهي مؤَنثة، وهي من لفظ السنين، وليس الصوتُ بعضَ الاستغاثة، ولا مِن لفظها، والجمعُ أَصْواتٌ.وقد صاتَ يَصُوتَ ويَصاتُ صَوتاً، وأَصاتَ، وصَوَّتَ به: كلُّه نادَى.ويقال: صَوَّتَ يُصَوِّتُ تصْويتاً، فهو مُصَوِّتٌ، وذلك إِذا صَوَّت بإِنسانٍ فدعاه.ويقال: صاتَ يَصُوتُ صَوتاً، فهو صائت، معناه صائح. ابن السكين: الصوتُ صوتُ الإِنسان وغيره.
الصوت معرفيا
-نعرف الصوت: بأنه ظاهرة فيزيائية معروفة، وهو عبارة عن سلسة من الموجات والاهتزازات التي تنتقل إلى الأذن عبر الأوساط المادّية، وهي الموادّ الصلبة، والغازية، والسائلة، إلا أنّه لا يتنقل في الفراغ، بل ينتقل عن طريق اهتزاز المادّة حيث ينشأ الصوت جراء اهتزاز الجزيئات، ويتجمّع في الأذن فنسمعه.
-ومن خائصه:أنه وسيلة اتصال بين الكائنات الحية حيث تتواصل عن طريق حاسة السمع والصوت هو ليس فقط ما يخرج من الحنجرة، فقد كان الإنسان قديماً يعتمد على الأدوات التي تُصدر أصواتاً عالية كالطبول والمزامير من أجل التواصل مع غيره، ولهعل مفعوله في التأثير بنا يعتمد على : تعتمد سرعة الصوت على :
نوع الوسط الذي ينتقل الصوت من خلاله: فهي أعلى في الموادّ الصلبة، وأقلّ في السائلة، وأقلّ بكثير في الغازية.
مستخلص
لكل مقام مقال، ولكل موقف مآل، إن قال قدوتنا ومعلم البشرصلى الله عليه وسلم:
ليسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّدِيدُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ.
فهذا يعني أن الصوت المنخفض سوف نسمعه أكثر، ونرعوي له، وذلك لأنه علميا يدخل في العقل الباطن فورا، ويؤثر برقته وعذوبته في نفوسنا الحساسة، وإن كان الصوت العالي يرهبنا ويخيفنا فهو يفسح المجال لتجاوزه والزيغ عن أغراضه ضمنا.وعلى مبدأ لاتكن لينا فتعصر ولا قاسيا فتكسر، كن ذا صوت واثق واضح محدد، وستجد الكثير ممن يستمع إليك.
قالت Lynda Arnold أن صوت الموسيقا شفاء يؤثر على العقل الباطن، لكننا سنقول قبلها:
إن صوت تلاوة القرأن شفاء ودواء.أنه الصوت السماوي الأعلى.
الصوت
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة