قراءة في كتاب "مراكش زمن حكم الموحدين" لصاحبه محمد رابطة الدين.
بنطالب مولود | BENTALEB MOULOUD
13/12/2023 القراءات: 1237
1- إشكالية الكتاب:
يعالج محمد رابطة الدين في كتابه " مراكش زمن حكم الموحدين"، إشكالية علاقة المجال بالإنسان، من زاوية صنع التوازن بالمجال، وإنتاج عوامل الاستقرار به. فالإطار المحدد لعناصر هذه الإشكالية يمكن اختزال محتواه فيما يلي:
أولا: تعارض المصالح الاستراتيجية بين المخزن المرابطي- الغير المنتمي للمجال، وأهل الأطلس الكبير الغربي- أصحاب الحق فيه، ونقطة التعارض هي المجال الذي تم اختياره لتأسيس العاصمة المرابطية، هذا الوضع خلق أزمة اقتصادية وسياسية بالمجال استفادت منها دعوة ابن تومرت فاحتوت القضية لوجود قواسم مشتركة بين الطرفين، مما مكنها من وضع حد للتجربة المرابطية، وإنتاج مخزن بديل كان لأهل الأطلس الكبير الغربي نصيب وافر في تكوينه، وبالتالي إعادة ربط الجبل بمجاله الحيوي، واتخاذ مراكش عاصمة لتجربة سياسية مصمودية في وسط مصمودي، وهو شرط بالغ الأهمية أغفله المرابطون في اختيار موقع عاصمتهم.
ثانيا: تراجع حدة الأزمات الاقتصادية والبيئية، ثم الاستقرار السياسي، شكلا عنصرا مهما جعل من مراكش عقب دخولها من طرف الموحدين، مركز جدب للمجموعات البشرية مما ساهم في تشبع الطاقة السكانية للمدينة، وتنوع تركيبها، الشيء الذي تطلب القيام بمجموعة من الإنجازات التي شملت مختلف الميادين الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية لتحقيق التوازن بين السكان وحاجاتهم المتزايد، وتوفير الشروط الضرورية للاستقرار بالمجال.
2- المادة المصدرية المعتمدة:
اعتمد رابطة الدين في تأليف كتابه على مرجعيات متعددة ومختلفة، يمكن أن نصنفها إلى صنفين أساسيين:
* الببليوغرافيا المكتوبة: هذا الصنف يشمل مجموعة من المصادر والمراجع باللغتين العربية والأجنبية، بالنسبة لمحتوى اعتمد الكاتب بالأساس على مجموعة من المصادر المحققة نذكر على سبيل المثال لا الحصر (التشوف إلى رجال التصوف لابن الزيات، المن بالإمامة لابن صاحب الصلاة، الذيل والتكملة لكتاب الموصول والصلة لابن عبد الملك الأنصاري المراكشي، نظم الجمان لترتيب ما سلف من أخبار الزمان لابن القطان، هذا بالإضافة إلى مجموعة من المراجع المتمثلة في عدد المونوغرافيات لباحثين مغاربة أمثال أحمد التوفيق، ومحمد أمين البزاز والقبلي وغيرهم، أما محتوى الثانية فيشمل مجموعة من مؤلفات لباحثين مغاربة وأجانب.
* التحري الميداني: يتعلق بمجموعة من الوثائق الإدارية المحلية كالخرائط الطبوغرافية، وخرائط الإدارة العمومية، ثم الوثائق الطبونيمية التي مكنت الكاتب من جرد أسماء الجغرافية، التي تغطي مجال المدينة ومحيطها.
3- المنهج وأسلوب صياغة الكتاب:
* المنهج: شكل ضيق ومحدودية المادة المرجعية المعتمدة، ثم طبيعة وخصوصية الأسئلة التي تستدعيها هيكلة الموضوع، عنصرا مهما دفع بالكاتب أولا إلى الحرص على العمل داخل إطار دقيق من الحصانة الصارمة، جعله يستحضر وبشكل مستمر حدود التفسير والتأويل وعدم استعجال النتائج، والاحتراز من إصدار أحكام القيمة.
* الأسلوب: يتسم الأسلوب الذي بواسطته صيغ الكتاب بالسلاسة وعدم التعقيد، فهو أسلوب بسيط يسهل فهمه واستيعابه من طرف القارئ، يتميز بالتركيب.
4- المضمون: وضع كتاب مراكش زمن حكم الموحدين في جزأين أساسيين كما سلف الذكر، يقعان في حوالي 600 صفحة مقسمة على ستة أبواب إلى جانب مقدمة عامة.
* الباب الأول: قسم إلى مجموعة من الفصول التي تناول فيها الكاتب مجال مراكش ومميزاته البشرية، فقد تحدث عن الظروف العامة التي ساعدت الموحدين على اختيار موقع عاصمتهم، ث الوضعية التي كانت عليها ساكنة مراكش عقب حصارها من طرف الموحدين، هذه الوضعية التي اتسمت بالتراجع والانكماش.
* الباب الثاني: هذا الباب مقسم كذلك إلى مجموعة من الفصول، أورد فيها الكاتب مجموعة من المعطيات المتعلقة بتدبير مجال مراكش، وذلك بتقسيمه إلى الأبواب.
* الباب الثالث: وهو الباب الأخير من الجزء، مقسم بدوره إلى مجموعة من الفصول، وضع للحديث عن أهم القطاعات الحيوية بالمجال، ويتعلق الأمر بالقطاع الاقتصادي.
* الباب الرابع: وهو الباب الأول من الجزء الثاني، مقسم إلى مجموعة من الفصول، وضع للحديث عن القطاع الاجتماعي، حاول الكاتب دراسة العديد من الجوانب الاجتماعية.
* الباب الخامس: تناول فيه الكاتب الجانب الثقافي لمجال مراكش، من خلال موضوع الولاية والصلاح، باعتماد مؤلفين أساسيين في هذا الصدد: هما كتاب التشوف والسبتي.
* الباب السادس: وهو الباب الأخير من الجزء الثاني، واصل فيه الكاتب دراسته للجانب الثقافي لمجال مراكش، من خلال معالجة هياكل إنتاج ورواج المعرفة المتمثلة في المدارس، التي يرجع تأسيسها والإنفاق عليها إلى المخزن الموحدي، وكان مضمون التكوين بها موزعا بين جانبين متكاملين: جانب معرفي وجانب التدريب البدني والعسكري.
5- نتائج الدراسة:
خلص محمد رابطة الدين في ختام عمله، إلى موضوع مساهمته في تاريخ الغرب الإسلامي، يكتسي أهمية كبرى، وله أحقية في التقديم، وأن الاشتغال عليه شكل مغامرة في ظل محدودية مصادره، وقلة الأبحاث ذات الصلة به، هذا المعطى حاول الكاتب التغلب عليه بدرجات متفاوتة، فكانت حصيلة المجهود المبذول إنتاج نص في البحث التاريخي، حول موضوع المعرفة المونوغرافية الحضرية بالغرب الإسلامي.
إشكالية الكتاب، المادة المصدرية المعتمدة، المنهج وأسلوب صياغة الكتاب، المضمون ونتائج الدراسة.
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع