مدونة ياسر الدالي


التربية .. بين عجز المحاضن، وقصور التأهيل.

ياسر الدالي | Yasser Addali


21/12/2021 القراءات: 5143  


التربية .. بين عجز المحاضن، وقصور التأهيل (3).
✍️ ياسر الدالي.

للأسف الشديد يتخرّج معظم شباب اليوم من الثانوية العامة ولم يحدّد لنفسه هدفًا بعدها، فهو لا يدري أين سيتجه؟ وما هي الجامعة التي سيرتادها؟ وما التخصص الذي يناسبه؟ يتخرّج من الثانوية ولم يُدِر عقلَه لحظةً ليرسم لنفسه هدفًا أو طموحًا يسعى إلى تحقيقه، ليظلّ بعدها يتخبطُ سنتين أو ثلاث، ثم يقرّر الدراسة مع زملائه، أو أبناء حارته، أو جيرانه، لمجرد الصحبة، ليتخرّج من الجامعة بتخصصٍ لم يحدّده هو، ولم يكن رغبته الخاصة، ولا يناسب أحيانًا متطلبات سوق العمل، وليجدَ نفسه - حتى وإن كان مطلوبًا في السوق - بلا مهاراتٍ حقيقيةٍ تؤهّله للعمل.. هذه مشكلة معظم شبابنا اليوم.
فيا ترى ما هو الحل؟!
لحل هذه المشكلة ينبغي أن يُسهم الشباب أنفسهم في اكتشاف ذواتهم، وقدراتهم، وميولهم، واتجاهاتهم، وذلك في جلسات استثنائية مع النفس، يسأل الشاب نفسه كل الأسئلة المهمة والضرورية التي تقوده إلى معرفة نفسه، وقدراته، وميوله، ثم إنَّ عالم اليوم أصبح مليئًا بمَن يدلُّك على كيفية اكتشاف ذاتك، وبضغطة زِر ستجد نفسك أمام المئات من الأشخاص المتخصصين الذين يوجِّهونك عبر دورات، وفيديوهات، ومقالات، وغيرها، يكفي فقط أن تحدِّد مشكلتك.

وللمساهمة أكثر في حلّ هذه المشكلة حلًّا جذريًا، ينبغي العودة إلى الوراء قليلاً، إلى المدرسة، والنظر في الأنشطة المدرسية التي ترافق عملية التعليم في المدارس، كونها الجناح الآخر لعملية التعليم، والتي لو مُورست وفعّلت كما يجب فإنها ستسهم إسهامًا كبيرًا في اكتشاف قدرات الطلاب، ومواهبهم، ومعرفة ميولهم، واتجاهاتهم، وبالتالي العمل على تنميتها والعناية بها، وهنا أوجه حديثي إلى القائمين على المؤسسات التعليمية والتربوية، وأطرح بين أيديهم جملةً من التساؤلات، منها:
- هل هناك أنشطة مدرسية مفعلة تفعيلًا كاملًا ومتنوعًا؟
- هل توفّر المؤسسات التعليمية والتربوية الأدوات اللازمة لتفعيل هذه الأنشطة، من ألعابٍ، ومستلزماتٍ، وغرفٍ، وميادينَ، وغيرها؟
- هل يجري تنفيذ هذه الأنشطة وفق خططٍ تشغيليةٍ، وببنودها كافة؟
- هل يقوم على هذه الأنشطة معلِّمون مؤهَّلون، ومُدَرَّبون، ومتخصصون، بحيث يسهمون إسهامًا حقيقيًا في اكتشاف مواهب الطلاب، ومهاراتهم، وميولهم، واتجاهاتهم؟
- هل هذه الأنشطة مصنّفة تصنيفًا جيدًا، بحيث تسمح بمشاركة كلّ الطلاب فيها؟
- هل تحرص إدارة المدرسة على انخراط جميع الطلاب فيها؟
- هل هذه الأنشطة مثمِرة بالقدر الذي يؤدي إلى اكتشاف مواهب الطلاب وقدراتهم؟
- هل تجد هذه الأنشطة التشجيع من المؤسسات التعليمية نفسها، ومن أولياء الأمور؟
- هل تلقى هذه الأنشطة الدعم اللازم بمختلف أشكاله من الجهات الرسمية والمجتمعية؟
- هل تقام لهذه الأنشطة المسابقات والفعاليات المناسبة، والتي تؤدي إلى ظهور نوابغ، ومبرزين، وموهوبين، على المستويات كافة؟
- هل يُشجّع ويُدفع هؤلاء النوابغ والمبرزون والموهوبون إلى تخصصاتٍ تناسب قدراتهم، ويجدون بعد ذلك الدعم اللازم؟
هذه التساؤلات، وغيرها، لو وجدت الإجابة عنها لكان طلابنا يجدون وُجهتَهم الصحيحة نحو مستقبلٍ واعدٍ ومزهر بإذن الله.

والله من وراء القصد.


التربية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع