و واصلوا الحياة ما بَقِيَ الزَّمَن..
د. نضيرة بريوة | Dr. Nadira Brioua
20/08/2020 القراءات: 2467
وأنتم تخوضون معركتكم في هذه الفانية، تعلّموا أن تواصلوا جهودكم على مدَى الدَّهْر.. لكم الحق أن تأخذوا دَعَة على قارعة الطريق للتخلص من الأَوَد المنهك للنفوس _فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها_ لكن، تأكدوا من أن تتأهبون من جديد و تواصلون الرحلة ما بَقِيَ الزَّمَن.. غالباً، ما تصادفكم مَطبَّات وسط الطريق، و يحدث أن تتوقفوا، أو تنزلقوا، و ربما حتى أنكم تسقطون.. قوموا من جديد، و أمضوا في طريقكم، و لا تلتفتوا إلى الوراء.. سدّدوا أنظاركم صوب أهدافكم، و واصلوا المعركة مع أنفسكم فبينكم و الهدف ليست سوى خطوات معدودة.
أعلم جيداً أّنه في الحياةِ تؤلمنا جداً لحظات الفشل، و الخسارة، و الفراق، و السقوط، و كافة مظاهر الشدة و العسر _ ظنا منا أنها شرٌ، و ما ابتلى الله أحدا منا إلا حبًا، أو تربية، أو اختبارا و ليأتينا بالأفضل_ قد نتألّم، و نبكي، و نركض وراء من لا طاقة لهم في جبرِ الخواطرِ، و قد نساهم في كسر الكبرياء للحظة، و ربما نفقد الأمل الذي عاهدناه توأما لأرواحنا، و نفقد القوة التي طالما تجانست مع إرادتنا و جعلت منا أشباه الصخور، وقد نفقدُ الثقة بالنفس لبرهة؛ لكن سرعان ما تنجلي ضباب الأوهام و الضعف و الانكسار و تعود رجاحة العقول و ورحب الصدور و رضا النفوس، لأن الأصل هو الثابت و الأصل فينا قوة و عزيمة.
نظّل نتفاجأ و نكتشف و نتعلّم و نكتسب الخبرات إلى الممات.
بعد كل عسر يأتينا اليسر، و بعد كل دمعة تأتينا رحمة، و بعد كل سقوط وقوف.
نتعلم أن الله وحده كافلنا و إننا بأعين الله لا بمرأى من الناس.
و الذي منع عنا شيئاً بعد أن رجوناه فذلك يعني أنه يريد لنا و بنا الأفضل، فاسألوا الله الرحمة والمغفرة وبلوغ المرام.. كونوا تحت عرشه و اسألوه ليعصمكم من الناس. اسألوه ما يرضيه عنكم ليعطيكم ما يرضيكم.
قفوا من جديد، و واصلوا الحياة بالشغف المعتاد و الإرادة المعتادة و الأمل المتجدد و دعاء الوالدين و عناية الخالق.. واصلوا الحياة ما بَقِيَ الزَّمَن..
منكم الإيمان و منه الفوز و الفلاح في الدنيا والآخرة.. منكم الذكر و منه السكينة والطمأنينة.. منكم الاستغفار و منه الرزق و المغفرة.. منكم الطلب و منه العطاء.. منكم الحمد و منه البركة و المزيد.
كونوا مع الله يكن معكم و اذكروه يذكركم و اسألوه يعطكم.
فلتتسلحوا بالأمل و قوموا بالعمل و لتلبس قلوبكم الإيمان و توكلوا على الرحمان و أمضوا و سارعوا إليه ليسعدكم.
لا تتركوا مواقف الخدلان تتسلل إلى عزائمكم و قاوموا بكل أمل و قوة و ثقة و كبرياء ما بَقِيَ الزَّمَن.
نضيرة بريوة
إرادة، تحديات، مثابرة، صبر.
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سعادة الاستاذة نضيرة بريوة.. حفظك الله ورعاك واكرمك وبارك فيك. مقال ممتاز ومميز، يدعونا للرجوع إلى الله تعالى، والثقة فيه، والاعتماد عليه، والتضرع له، فهو وحده القادر على جبر كسرنا، وتعويض فقدنا، وتثبيت قدمنا، متى وثقنا به، واعتمدنا عليه، ولم نلتفت إلى غيره، جل جلاله وعم نواله وتقدست اسماؤه وعزت صفاته. زادك الله علما وتقى ورفعة ونفع بك وبعلمك.
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته فضيلة الدكتور. شكرا لك و بارك الله فيك و في تعقيبك و إضافتك العطرة.