مدونة الدكتور : خالد عبد الرحمن ياسين احمد
أهمية الأخلاق وارتباطها بالدين
الدكتور خالد عبد الرحمن ياسين احمد | DR/KHALED ABDELRAHMAN YASSIN AHMED
10/10/2021 القراءات: 3299
للأخلاق أهمية عظمى، ولها وظيفة خطيرة في رقي واستمرار الحياة الإنسانية، ولذلك إذا تداعت أخلاق أمة من الأمم عاجلها الفناء، ومن هنا فالإسلام اهتم بتقويم وتهذيب الأخلاق اهتمامًا بالغًا، وجاء بدستور متين لا يضاهيه أي دستور أو قانون بشري بأي حال من الأحوال، ولذا فعلة بعث الرسل السابقين وإرسال نبينا صلى الله عليه وسلم إنمَّا هي تكميل وإتمام مكارم الأخلاق، والبلوغ بالإنسان إلى آخر حدْ من الكمالات الأخلاقية لكي يخرج الفرد من هذه الحياة الدنيا زكيًا نقيًا طاهرًا.
وعلى الإنسان الذي يسعى جاهدًا لإحراز التقدم، وإدراك حقائق الأشياء، ويسعى أيضًا لإحياء وتنمية مواهبه العلمية، والعملية، والذهنية عليه أنْ يسعى جاهدًا بكل ما يملك من وسائل لتزكية نفسه، وتنميتها، وتطهيرها بشتى أنواع الفضائل الخُلُقية.
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسانًا فريدًا في كل أطوار حياته منذ طفولته المبكرة، فكانت حياته نموذجاً كريماً للخُلُق الرفيع، بل قال أصحاب السير: إنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم وهو رضيع كان دائماً يرضع ثدي أمه الأيمن ولا يرضع من الأيسر كأنَّما يتركه لإخوته من الرضاعة ولا غرابة في ذلك فقد صنعه ربه ورباه فأكمل تربيته، وأدبه فأحسن تأديبه، وفطره على محاسن الشيم، ومكارم الأخلاق فكان صلى الله عليه وسلم مثلًا أعلى في كل خُلُق كريم.
والخُلُق الحسن صفة الأنبياء والصديقين والصالحين، ومن السهل تغيير الأخلاق السيئة إلى الأخلاق الكريمة، وذلك بمصاحبة أهل الخير والصدق، وتكتمل الأخلاق بالتزكية، والتهذيب والتغذية بالعمل الشرعي، ولن يتهذب الإنسان إلا إذا عرف عيوب نفسه وحاول إصلاحها.
والدين والأخلاق حقيقتان لا تنفصلان في الدين الإسلامي، كما أنَّ الأخلاق شريحة من شرائح الدين، وشرعة من شرائعه تقوم به وتستمد منه، ولا تنفصل عنه وهي من الأصول الثابتة التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان، والإسلام قد أقام المنهج الأخلاقي المرن واسع الأفق قابل لضرورات الحياة المتغيرة، والتحول والتطور الذي تتأثر به المجتمعات في أي عصر.
أي أنَّ هناك ترابط شديد بين الأخلاق والدين، فالإسلام يهدف إلى تكوين الإنسان المتكامل من الناحية الأخلاقية حتى يكون مفتاحًا للخير، ومغلاقًا للشر في جميع الظروف والأحوال.
ويحث الإسلام دائمًا على التطهر من جميع الرذائل، والتحلي بالصفات الحميدة، قال تعالى: { إنَّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}[الأحزاب:33]، ويحث أيضًا على تنمية الروح الأخلاقية، ونزعات الخير في النفس قال تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون}[البقرة:151]، والتزكية هنا بمعنى التطهير والتنمية، ولكن تنمية الروح الأخلاقية تحتاج إلى تعليم وتبصير أخلاقي، وكذلك تحتاج إلى وعي أخلاقي حتى يُدْرِك الإنسان الهدف من المبادئ الأخلاقية، وحتى يستطيع التمييز بين الخير والشر، لذا دعا الإسلام إلى تعليم الخير وتعلمه.
ولذلك احتلت الأخلاق مكانة رفيعة في الإسلام، وارتبطت ارتباطًا وثيقًا وقويًا بالعقيدة باعتبار أنَّ هذه الأخلاق هي العامل المحرك والمؤثر، وهي الترجمة العملية لتعاليم العقيدة الإسلامية المستقرة في النفس البشرية.
المراجع:
- سعيد إسماعيل علي، نظرات في التربية الإسلامية، (القاهرة: مكتبة وهبة، 1420هـ/1999م) ص 157-158.
- طه عبد السلام خضير، "محمد صلى الله عليه وسلم صاحب الخُلُق العظيم"، مجلة منبر الإسلام، السنة 62، العدد الثالث، ربيع الأول، 1424هـ، ص36.
- عبد العزيز فرج إسماعيل، "حُسْن الخُلُق صفة الأنباء والصديقين"، مجلة منبر الإسلام، السنة 62، العدد السادس، جمادى الآخرة، 1424هـ، ص140.
- فيصل الراوي رفاعي طايع، القيم الأخلاقية لدى المعلمين – دراسة ميدانية-، ( كلية التربية بسوهاج، 1988م)، ص24.
- عطية محمد عطية وآخرون، مفاهيم أساسية في التربية الإسلامية والاجتماعيات، (عمان: دار الفكر للنشر والتوزيع، 1991م) ص 105-106.
الأخلاق - الدين
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع