مدونة محمود عبد المجيد عساف


اختيار التخصص الجامعي، وهلوسة العقاب الجماعي

د. محمود عبد المجيد عساف | Mahmoud A.R. Assaf


06/08/2021 القراءات: 3204  


لم يعد خطابنا التربوي أداة للإصلاح، فهو يعيد نفسه في صورة لا تعكس إلا المحاولات، وإن كان يحمل عبقاً من التجديد فهو يقتصر على تنمية الميول المتناسبة مع أيديولوجيا النظام الاجتماعي القائم، وعموميات الثقافة المرتبطة بالعادة ورأي الناس أكثر من الميول والطموحات.

ولما كان الجانب التعليمي من أهم المحطات في حياة الإنسان لما كان يعرف عنه بأنه الجانب المضيء والباعث على الرفاهية، وأنه يسهم في تشكيل الشخصية وصقلها فيكتمل الإنسان معها إلى حد ما في انتماءه وشعوره بالمسؤولية، ويحدد إلى حد كبير مساره المهني، كان من المنطق وسلامة التفكير أن يتم التعامل مع اختيار التخصص الجامعي كعملية بحثية يتشكل التفكير حولها في عدة أمور، أهمها:-
- على الطالب ألا يحصر نفسه قبل ظهور النتيجة في تخصص معين، فقد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
- التركيز في التفكير على أن الحياة الجامعية ليست حياة مدرسية، فهي تعتمد على التعليم الذاتي بشكل كبير، وبالتالي فإن الرغبة وحب المجال غير كاف لتحقيق التمييز.
- ضرورة تقييم الذات بشكل صريح قبل اختيار التخصص لضمان عدم الهدر(الوقت-المال)، ليكون التميز حليفك بدلاً من أن تكون نسخة مكررة.

وتعد عملية اختيار التخصص أو الكلية اليوم من المهمات الصعبة في ظل اتساع دائرة الاختيار، ومساحة القبول في الكليات والتنوع في الجامعات، كما تعد حاسمة لأنها في الأصل يجب أن تحقق متعة التعلم والإبداع بعد قناعة ودافعية، وتساعد في استمرار الطريق لاستكمال الدراسات العليا.

لكن في الحقيقة، فإن هناك مجموعة من العوامل قد تؤثر على إرغام بعض الطلبة لاختيار تخصصات لا تناسبهم الأمر الذي سيكرس مزيد من البطالة في المستقبل، ويزيد من نسبة الهدر التربوي، ومن هذه العوامل :

- قرار الأهل وطموحاتهم، ورغباتهم في تحقيق أحلامهم من خلال الأبناء.
- الانسياق من وراء المحيطين، والغيرة من الأقران.
- التأثر بآراء المعلمين في مرحلة ما قبل التعليم العالي والذين كانوا ينصحوا الآباء قبل الأبناء.
يقول بعض المتخصصين أن من الواجب أن يسبق عملية الاختيار دراسة السوق أو الاطلاع على التقارير الخاصة بالمركز الفلسطيني للإحصاء، ووزارة العمل والتخطيط لتحديد الفرص القادمة، وإن كان في كلامهم جانب كبير من الصحة في ظل ظروف مستقرة، فإني أرى أن ضبابية الوضع العام الفلسطيني لا تعطي نتائج دقيقة حول حركة السوق واحتياجاته، كما أن الأمر لم يعد يتطلب مزيداً من حراس المكاتب، فالحصار فرض على الكثير العمل في غير تخصصهم، وبالتالي فإن المستقبل من وجهة نظري يتجه نحو التعليم التقني والمهني أكثر من التعليم الأكاديمي، فدخول الطالب في واحدة من كليات القمة ليس بالضرورة أن يضمن له العمل مستقبلاً .

وبذلك أنصح كل المقبلين على اختيار تخصصاتهم بأن يتحرروا من أفكار الآخرين، وألا يخضعوا لرغبات المحيطين، وأن يكونوا صادقين مع أنفسهم في تحديد قدراتهم، وأن يعتمدوا على النظرة الإستراتيجية القائمة على الإجابة عن سؤال: كيف وأين ترى نفسك بعد 10 سنوات ؟


التخصص الجامعي، الآباء، التعليم العالي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع