مدونة د. عبد العظيم رمضان عبد الصادق أحمد
الإرْشَادُ قَبْلَ الزَّوَاجِ
د. عبد العظيم رمضان عبد الصادق أحمد | ABD ELAZIM RAMADAN ABD ELSADIG AHMED
26/12/2020 القراءات: 3256
فإنّ من مقاصد الشارع وكليات الدّين, الحفاظ على النفس البشرية والحفاظ على النسل الذي هو النواة والبذرة المكونة للأسرة التي هي المكون الأساس للمجتمع. وما لا شك فيه أنّ حفظ النوع و الإنسان يكون بالزواج يقول تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء آية (1) ويقول النبيّ صلّى الله عليه وسلم « تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ» سنن أبي داود حديث رقم (2050) باب في تزويج الأبكار 3/395 وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته1/566
وإذا كان الناس ينشدون إقامة المجتمع الفاضل والسلمي الآمن, فلا بدّ من تكوين الأسرة الفاضلة الآمنة, القائمة على قواعد معرفية وقيم أخلاقية كريمة, وبالتالي لا بدّ من أن تكون نواة الأسرة مبنية على هذه القواعد والأوصاف – وأقصد بها الزوجين-
ولم يغفل الإسلام وأحكامه الشرعية هذه المعاني والقيم, بل حضّ عليها ورغّب فيها وبيّن مقاصده منها قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) سورة الروم آية ( 20 ) وقال تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ) النحل (72)
وحضّ ورغّب على اختيار الزوجة ذات الأوصاف التي تعين على استقرار الأسرة واستمرارها وأرشد الزوج لهذا الاختيار. قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ " البخاري في باب الأكفاء في الدين حديث رقم ( 5090 ) 7/7 مسلم في باب استحباب نكاح ذات الدين حديث رقم (1466) 2/1086)
وقال صلى الله عليه وسلم: «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ، وَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ، وأنكحوا إِلَيْهِمْ» ابن ماجة باب الأكفاء حديث رقم (1968) (1 /633 ) وفيه أيضاّ يقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ مَا يُكْنَزُ؟ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ» سنن أبي داود باب في حقوق المال حديث رقم(1664 ) 2/126
وبالمقابل وحتى يحصل هذا الاستقرار الأسري فلا بدّ من توفر أوصاف في الزوج فيقول النبيّ صلى الله عليه وسلم مرشداّ أولياء الزّوجات : «إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ؟ قَالَ: «إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ»، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. رواه الترمذي في باب ما جاء إذا جاء من ترضون دينه حديث رقم (1085) 2/386 وصححه الألباني
ويحسن أن يكون الزوج ذا مال يعف به نفسه وأهله, يقول النبيذ صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس لما جاءت تستشيره في ثلاثة رجال تقدموا لخطبتها وهم : ( معاوية وأبو جهم وأسامة)
«أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ تَرِبٌ، لَا مَالَ لَهُ، وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ، وَلَكِنْ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ» فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا: أُسَامَةُ، أُسَامَةُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طَاعَةُ اللهِ، وَطَاعَةُ رَسُولِهِ خَيْرٌ لَكِ»، قَالَتْ: فَتَزَوَّجْتُهُ، فَاغْتَبَطْتُ. صحيح مسلم باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها حديث رقم (1480 ) 1/9111
ويستحسن أن يكون الزوج لطيفاّ رقيقاّ بالنساء للحديث المتقدم, وأن يكون صحيح البدن سليماّ من العيوب كالأمراض والعجز والعقم ونحوها.
ولكي تتحقق الأسرة السعيدة والآمنة فلا بدّ من إرشاد الزوجين وتوجيههما قبل الزواج وإرشاد كل من أسرتي الزوجين عند الإيجاب والقبول وفي مرحلة الخطبة, ويستخدم لهذا الإرشاد أساليب مختلفة ووسائل متعددة تشترك فيها الأسرة والمنابر الدعوية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام المختلفة.
فهذه القضية قضية مجتمع متكامل وقضية مؤسسات مجتمع يأتي على رأسها الأسرة والمؤسسات الدعوية والتعليمية والإعلامية فلكل دوره المناط به.
وثمة نتائج وتوصيات من هذه المحاولة التي قصدت بها تشخيص بعض العلل والإشكالات التي تؤرق الأسرة وتزعزع استقرارها, وما يعتري الحياة الزوجية من خلافات ومنازعات ونشوز يفضى في غالبه إلى الفرقة بين الزوجين وإلى الطلاق.، ومن ناحية أخرى إيجاد علاج وحلول لهذه الإشكالات المتوقعة ولهذا ركزت الحلول على الحالة القبلية للزواج الذي هو نواة الأسرة وعمادها. وعند إرادة اختيار الزوجة وهي فترة الخطوبة.
أولاّ، النتائج
1. الإرشاد في الإسلام من أفضل الأعمال لأنه يحقق النفع للناس.
2. الدين هو أساس صلاح الزوجين وأساس استقرار الحياة الزوجية والأسرية, وهو عاصم للزوجين من الوقوع في المحرمات والمخالفات,
3. الخلافات الزوجية والمشاكل الأسرية نتيجة طبيعة البشر في اختلاف الأمزجة والأهواء.
4. إن أكثر إشكالات الأزواج التي تؤثر على استقرار حياتهم الزوجية سببها الجهل بالواجبات الزوجية.
5. الإرشاد قبل الزواج له دور كبير في استقرار الأسرة وتحقيق سعادتها.
6. إن الإرشاد قبل الزواج له جوانب وقائية وإنمائية وعلاجية.
7. للإرشاد قبل الزواج وسائل وطرق متعددة.
8. إن الحديث عن أضرار الإعلام وتأثيراته السالبة و العولمة وتأثيراتها السالبة على الشباب لابدَّ أن تواجه بخطة إيجابية محكمة فالعبرة بتجديد الوسائل وإيجاد البدائل.
9. إن انعدام الإرشاد قبل الزواج له آثار سالبة على استقرار الحياة الزوجية والأسرية.
الإرشاد - الزواج - الاستقرار- الأسرة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة