فيروس كورونا بين جدلية الحداثة والدين
10/04/2020 القراءات: 4404 الملف المرفق
اعتبر فلاسفة مابعد عصر ظلمات اوروبا او مانسميه مابعد التفكير الكنسي ان العلم لايمكن مخالطته بالدين باي صورة من اشكال صوره، وبدأ الدفاع عن هذا في اوروبا وغيرها من البلدان العربية الاسلامية لا لشيء الا لاسقاط الدين من حسابات التطور والتقدم بزعمهم ، فهنا تجلت هاته الجدلية وقت ظهور الامراض والفيروسات بالاخص التي توقف العالم بسببها . وفيروس كورونا اسقط كل ماتوصل اليه الطب الحديث بل اكد على ان الدين الاسلامي بتعاليمه يمكن للبشرية تفادي العلاج بالوقاية من الوقوع في المرض بنص احاديث دينية متواترة . وهذا مايثبت للعماء والمفكرين ان الدين والعلم لايمكن الفصل بينهما.
يعد مصطلح الحداثة مصطلحا تناولت عليه الاقلام والاراء بالكتابة والنقد ، وبعيد عن جدليات النقاش الاصطلاحي فيمكن اعتباره سيرورة زمنية تاريخية مرت بالمجتمعات الغربية بشكل اعم ، فمن خلالها حاولت الانعتاق من براثين الجهل والخرافة والتقليد الذي لايخلو من تراهات العلم الكنسي بما كان من كبحه للعلم واعمال العقل، بالمعنى هذا ومن خلال ماكان موجودا فاللغرب وفلاسفته مبررات وحجج استندوا عليها للتخلص من وثنية الكنيسة.
ان استخدام مصطلح الحداثة هي بداية تفكيك المنظومة التاريخية او الارث التاريخي تستدعيه كل امة كلما دعت الضرورة الى ذلك، بل هو انقلاب في باطنه على المقدس الذي يرسم لنا طريقا نسلكه في غياب للعقل المغربل ، وهذا ما انطوى على الحضارة الغربية التي اعتمدت بعد عصر الانوار على اعمال العقل والعلم في مجالات حياتها.
ان التفكير الكنسي او سلطة الكنيسية حجرت ماهو واسع، لكن وفي الوقت نفسه الانسان يحتاج الى بوصلة ترشده الى هدفه وتحقيق غاياته الدينية والدنيوية، والا ضل طريقه وتعرض الى عوائق لايمكنه تجاوزها بسهولة. فالتقليد المطلق لاينطوي على تفهات وتراهات وخزعبلات لاطالما حاول الانبياء والرسل والمصلحون من بعدهم التخلص من كدرها، والرجوع الى بيان الوحي والحق الحقيق الذي ينير طريق البشرية.
والحداثة على مطلق التصديق بها والسير على مقتضيات مفكريها وفلاسفتها ظلمت سوداء في طريق مريديها واتباعها، وهذا الاصطلاح جاء بعد عصر التنوير اخذت بين الناس لتعطي الايمان الاكبر للعقل بل راح فلاسفة هاته الحقبة ، وخاصة الفلاسفة الفرنسيون عن نقد الدين والمجتمع، وضرورة فصل الدين عن العلم.
ان هذه المرحلة اعلت من شان العقل وبطلان النقل المنصوص بكتاب الله وسنة رسوله، فالدين عندهم شل الحركة العلمية المتحررة وابطال العقل ومالاته المخذية. لكن هذا لاينطبق على ماجاء به الاسلام فالعقل يصدق النقل ولايخالفه .
الحالة اليوم توقف العالم لحظة انتشار فيروس كورونا ، لاشيء وقف يصده عن البشرية ، في لحظة الصدمة العالمية توجه الاطباء والمختصين الى اجراءات بسيطة تعود الى اربعة عشر قرنا من زمن بعثت النبي محمد صلى الله عليه وسلم بين تحري النظافة والحجر الصحي لتفادي نقل الفيروس من شخص الى اخر.
فالتطور العلمي المزهل يتوقف اليوم امام اسانيد احاديث توضح بالادلة والبراهين التربية الصحية لمواجهة الاوبئة والامراض الخطيرة ، فالدين الاسلامي لابد للبشرية ان تنهل من تعاليمه ، واتباع نصوصه التي فيها خلاص البشرية ، اما اننا جدلا ندعوا الى الحداثة بصورها المفزعة ومبادئها المشوهة للحقائق والبراهين فهذا يعدوا عبثا ، واخذ بالبشرية الى حتفها .
وفي هذه الاسطر حاولنا ان نعطي تقييم مالات الحداثة السائلة، ففيروس كورونا تحدى العالم الحديث والحداثي، بل في لحظة واحدة توقف فيها العالم يبحث عن علاجات ولقاحات تقف جدار صد لانهائه او التقليل من خطورته، وفي لحظة اغلقت جميع المنافذ والحدود وتركت دول تصارع المرض بمفردها وبامكاناتها ، اظهر هذا شجع الدول الامبريالية التي كذبت على العالم برهة من الزمن على انها سيدت العالم ومحور توجيهه الى السلام والحماية من الاخطار، لكن في لحظة التهيه هذه كان على البشرية ان ترجع الى تعاليم الدين الاسلامي، والتي ضربت تعاليمه عرض حائط برلين او صور الصين العظيم بعد القرن الثامن عشر واصبح الدين عند الغرب هو المعيق في الحركة العلمية الحديثة، هذا صحيح لو انطبق على تعاليم الكنيسة، اما الاسلام فهو دين البشرية وهو منهج حياتها .
فيروس - كورونا - الحداثة - الدين
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف