مدوّنة الأستاذ المشارك الدّكتور منير علي عبد الرّب القباطي
خيريّة العشر والقدر في منظور الشّرع
الأستاذ المشارك الدّكتور منير علي عبد الرّب | Associate Professor Dr. Muneer Ali Abdul Rab
15/05/2020 القراءات: 3107 الملف المرفق
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أمّا بعد؛ فإنّ ليلة القدر هي أفضل اللّيالي على الإطلاق؛ لما أخبر الله -سبحانه وتعالى- أنّها خير من ألف شهر، وأنّها مباركة، وأنّه يفرق فيها كلّ أمر حكيم، وأنّها شرّفت بنزول القرآن؛ فقال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) سورة القدر. وقال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) سورة الدّخان. وقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رواه البخاري. أمّا المفاضلة بين ليلة القدر وليلة الإسراء: فقد بيّن أهل العلم كابن تيميّة وابن القيّم بأنّ ليلة الإسراء أفضل في حقّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وليلة القدر أفضل في حقّ الأمّة، فحظّ النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- الّذي اختصّ به ليلة المعراج منها أكمل من حظّه في ليلة القدر. وحظّ الأمّة من ليلة القدر أكمل من حظّهم من ليلة المعراج، وإن كان لهم فيها أعظم حظّ، لكنّ الفضل والشّرف والرّتبة العليا إنّما حصلت فيها لمن أسري به، صلّى الله عليه وسلّم. أمّا خير الأيّام: فهي أيّام العشر من ذي الحجّة؛ لما ثبت عنه صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال فيهنّ: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» رواه البخاري. ولأنّ فيها يوم الحجّ الأكبر، وهو يوم عرفة، الّذي فيه تغفر الذّنوب، وتعتق الرّقاب، فقد صحّ عنه صلّى الله عليه وسلّم أنّ (صَوْمَ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ الْمَاضِيَةَ وَالْمُسْتَقَبَلَةَ) رواه النّسائي. وقال عليه الصّلاة والسّلام: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟" رواه مسلم. وكذلك يوم النّحر، قال صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» رواه أبو داود. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والّذي يظهر أنّ السّبب في امتياز عشر ذي الحجّة لمكان اجتماع أمّهات العبادة فيه، وهي الصّلاة والصّيام والصّدقة والحجّ، ولا يتأتّى ذلك في غيره. وبناء على ما تقدّم؛ فإنّ العشر الأواخر من رمضان أفضل من جهة اللّيل؛ لأنّ فيها ليلة القدر، والعشر الأوّل من ذي الحجّة أفضل من جهة النّهار؛ لأنّ فيها يوم عرفة، وفيها يوم النّحر، وهذا هو المعتمد عن المحقّقين من أهل العلم. والله أعلم
الخيريّة، اللّيالي، الأيّام، القدر، العشر
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
موضوع قيم سعادة د.منير القباطي ، كتب الله أجركم.
جزيل الشّكر أستاذنا فضيلة الدّكتور يوسف السّويدي. نسأل الله أن يتقبّل منّا ومنكم الصّيام والقيام. وأن ينفع بكم، وبمنصّتكم المباركة.