دلالة القافية وتشكيلاتها الإيقاعية
د. رجاء بنحيدا | Rajae benhida
11/10/2020 القراءات: 7179
دلالة القافية بين الحضور والغياب
"إن الشيء الذي يفرق بين الشعر والنثر في المقام الأول هو تجربة الأذن، ذلك أن الشعر كلام يمتاز بزخرفة موسيقية" 1 يضبط صورتها الإيقاعية حد الوزن وحضور القافية :
• الوزن: الذي يعتمد على الوحدة الموسيقية الإيقاعية في داخل السطر أو البيت أو التفعيلة.
• القافية: التي تحكم إغلاق الأسطر أو الأبيات.
فالقافية عنصر ضروري ملازم للوزن في القصيدة التقليدية، ومهم من ناحية التشكيل الإيقاعي للقصيدة فهي علامة على نهاية البيت من جهة الدلالة اي اكتمال المعنى، ومن جهة العروض اكتمال الوزن.
فالقافية و الوزن وحدتان في الشعر إيقاعيتان أكثر منها دلاليتان لكن الآراء اختلفت حول تعريفات القافية، ومع وضع علمي العروض والقوافي تحتم على العرب أن يحددوا معنى علميا دقيقا، وقبلوا المعنى الذي يقول: "بأنها آخر البيت... وهم يسمون البيت بأسره قافية، لاشتماله على القافية، والقصيدة بأبياتها قافية، لاشتمالها على الأبيات المقفاة".2-
لكن فيما بعد ظهر التباين في تحديد آخر البيت هل هو كلمة أو اثنين أو ثلاثة؟
فهناك رأي يقول: إن القافية هي ذلك الصوت أو ذلك الحرف الذي نعرفه باسم آخر هو "الروي".
ويذهب البعض إلى أن الخليل بن أحمد هو صاحب هذا الرأي، لكن الأخفش رفض هذا الإدعاء لأن الخليل عدد حروف القافية وحركاتها، وهي لكل منها اسما خاصا، فلو كانت القافية عنده هي الروي لم يكن ليفعل ذلك.
أما الرأي الثاني فقد حكاه ابن القطاع دون ان ينسبه إلى أحد ويقول: "إن القافية الجزء العروضي الأخير من البيت مثل مفاعيلن في آخر الطويل أي التفعيلة الأخيرة أما الرأي الثالث فيقول: القافية ما يلزم الشاعر تكريره في بيت من الحروف والحركات"، في حين يراها الأخفش "أنها آخر كلمة في البيت"3-.
ويقال أن مؤسس علم القوافي هو أقدم شعراء العربية أي المهلهل بن ربيعة، ويقول الدمنهوري: "وعلم القوافي هو علم بأصول يعرف به أحوال أواخر الأبيات الشعرية من حركة وسكون ولزوم وجواز وفصيح وقبيح ونحوها.
وموضوعه أواخر الأبيات الشعرية من حيث ما يعرض لها، وصانعه مهلهل بن ربيعة خال أمرؤ القيس" وهذه الإشارة متوافقة مع ما يقال من أن مهلهل هو أول من هلهل الشعر أي أرقه أو سلسل بناءه، غير أن التدقيق في الأمر يشير إلى صعوبة تصديق هذه الإشارات تماما. ويقول ابن رشيد: "سميت القافية قافية لأنها تقفو أثر كل بيت، وقال قوم لأنها تقفو أخواتها"4- ويقول أيضا: "القافية شريكة الوزن في الاختصاص بالشعر، ولا يسمى شعرا حتى يكون له وزن وقافية"5-. وهناك من يعتبرها حرف الروي لأنه الحرف، الذي تنسب إليه القصيدة، فيقال قصيدة نونية وعينية".6
هناك من يعتبرها من آخر ساكن في البيت، إلى الذي يليه مع حركة ما قبله أو مع الحرف الذي ما قبله.
"هناك من يعتبرها آخر كلمة في البيت وهي مرتبطة بالوزن حيث متى كانت من الأقاويل ذوات الأجزاء تتنامى أجزاؤها إلى أشياء واحدة بأعيانها فإن كانت غير موزونة فهي تسمى عند العرب أقاويل مسجوعة، ومتى كانت موزونة سميت أقاويل ذوات قواف، فإنهم يسمون الأشياء التي تتكرر في نهاية أجزاء الأقاويل الموزونة قوافي"7.
نستشف إذن من خلال هذه الآراء أن القافية عنصر ملازم للشعر أولا، من هنا فرضت خصوصيتها إذ يمكن أن نجد هذه الصورة في المجال النثري، فهي سمة صوتية لازمة للشعر وتتحدد بموقعها في نهاية السطر في حين نجد أن التجانس الصوتي يبرز في الصيغة النثرية وصيغ تعبيرية غير شعرية ( شعارات، أمثال...) يقول ابن رشيق في تفرقته بين الشعر والنثر "إن الشعر محصور في وزن وقافية... والكلام المنثور لا يحتاج فيه إلى شيء من ذلك فتكون ألفاه تابعة لمعانيه".8
القافية- الإيقاع - الدلالة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع