مدونة الدكتور جمال نعمان عبد الله ياسين
قراءة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأثرها في اللهجات اليمنية
الأستاذ الدكتور جمال نعمان عبد الله ياسين | Prof. Dr. Gamal Noman Abdullah Yaseen
15/10/2020 القراءات: 6049
قراءة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأثرها في اللهجات اليمنية
د. جمال نعمان عبد الله ياسين
تعتبر القراءات من أهم المصادر في معرفة اللهجات العربية؛ وذلك لأن طريقة تلقي القراءات تختلف عن كل الطرق التي نُقِلَت بها المصادر الأخرى كالشعر والنثر، بل تختلف كذلك عن طرق نقل الحديث، إذ يشترط فيها التلقي والعرض، وهما أقوى طرق النقل اللغوي. وقد ورد في السنة (صحيح البخاري:(4349)) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث علياً رضي الله عنه إلى اليمن سنة ثمان، وهو أول بعث إلى اليمن بعد فتح مكة، وبعثه إلى همدان فأسلمت جميعاً، فكتب عليٌّ إلى رسول الله بإسلامهم، فلما قُرِئَ الكتاب خرّ ساجداً، ثم رفع رأسه وقال: السلام على همدان، أما البعث الثاني فكان في رمضان سنة عشر إلى مذ حج. وفيما يلي نماذج لبعض القراءات التي قرأ بها الإمام علي بن أبي طالب ولها أثر في اللهجات اليمنية.
القراءة الأولى: في قوله تعالى: ﴿امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾(يوسف:30):
قرأ الجمهور «شَغَفَهَا» بالغين المعجمة، وقرأ علي بن أبي طالب، «شَعَفها» بالعين المهملة (معجم القراءات:4/ 238)، وفي اللهجات اليمنية جاء في المعاجم اللغوية: شَعَفَه حبها يشعفه إذا ذهب بفؤاده، مثل: شَعَفَهُ المرض إذا أذابه، وشَعَفَه الحُبَّ: أحرق قلبه، وقيل: أمرضه، والمَشْعُوفُ: الذاهب القلب، وأهل هجر كحلان في اليمن يقولون للمجنون مَشْعُوفٌ، وبه شُعَافٌ أي جنون (لسان العرب:(شعف):9/177)، والشَّعْفَةُ - بفتح فسكون – هي إجفالة الفزع، يقال: شَعَفَ فلان فلاناً يَشْعَفه شَعْفاً، ومنه المَشْعُف: الفزاعة التي تنصب في المزارع لتخويف الطيور، كونها تَشْعَف الطيور بشكلها الذي يشبه الصبي، فَتَشْعَف وتجفل مبتعدة عن المزارع والزروع (المعجم اليمني:494).
القراءة الثانية: في قوله: ﴿وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾(البقرة:51):
قرأ الجمهور «أَرْبَعِينَ» بفتح الباء، وقرأ علي بن أبي طالب «أَرْبِعِينَ» بكسر الباء، اتِّبَاعًا لحركة العين بعده (معجم القراءات:1/99)، وفي بعض اللهجات اليمنية ينطقون الرقم أَرْبَعِين بكسر الباء "أرْبِعِين".
القراءة الثالثة: في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾(النساء:11):
قرأ الجمهور «النِّصف» بكسر النون، وقرأ علي بن أبي طالب «النُّصف» بضم النون (معجم القراءات:2/22)، وشائع في اللهجات اليمنية لفظ "النُّص"، وأصلها «النُّصف» بضم النون، ثم حذفت الفاء تخفيفاً.
القراءة الرابعة: في قوله: ﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ﴾(الأعراف:148):
قرأ الجمهور «خُوَارٌ» بالخاء والواو، والخوار صوت البقر، وقرأ علي بن أبي طالب «جُؤَارٌ» بالجيم والهمز، من جَأَرَ إذا صاح بشدة صوت (معجم القراءات:3/163)، وفي اللهجات اليمنية: جَأَرَ الثَّوْر يَجْأَرُ، أي صَاحَ، ثم حُرِّفَتْ إلى "جَعَرَ" أبدلت الهمزة بالعين؛ لتقارب مخرجهما.
القراءة الخامسة: في قوله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾(فاطر:٣٥):
قرأ الجمهور «لُغُوب» بضم اللام، قرأ علي بن أبي طالب «لَغُوب» بفتح اللام (معجم القراءات:7/440)، وفي اللهجات اليمنية: لَغِبَ فلان يَلْغَب لَغَبَاً فهو لَاغِبٌ، أي شعر بظمأ وتعب وإعياء، ويقولون: ما وصلت من هذا السفر الشاق إلا وأنا لَاغب، ولَغُوب (المعجم اليمني:808).
القراءة السادسة: في قوله: ﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ﴾(الحشر:40):
قرأ الجمهور «جُدُر» بضم الجيم والدَّال، وقرأ علي بن أبي طالب «جُدْر» بضم الجيم وإِسكان الدال، وهو جمع جدار، وقُرِئَ «جَدْر» بفتح الجيم وسكون الدال(معجم القراءات:9/399)، وفي اللهجة اليمنية: يقولون: «هذا جِدار»، أو«جَدْر»، وفي الجمع يقولون «جُدُر»، ويقصدون بذلك البناء الذي تسور به المدرجات الزراعية.
القراءة السابعة: في قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾(الضحى:11):
قرأ علي بن أبي طالب «فخبِّر»، وقرأ الجمهور «فَحَدِّث» (معجم القراءات:8/184)، وفي بعض اللهجات اليمنية: "يا فلان خَبِّر فلان"، بمعنى: حدثه بكذا.
المصادر:
- لسان العرب: ابن منظور، ط3 دار صادر، بيروت، 1993م.
- معجم القراءات: عبد اللطيف الخطيب، ط1 دار سعد الدين، دمشق، 2002م.
- المعجم اليمني في اللغة والتراث: مطهر الإرياني، ط1 دار الفكر، دمشق، 1996م.
قراءة الإمام علي بن أبي طالب، علي بن أبي طالب، القراءات القرآنية، القراءات الشاذة، اللهجة اليمنية