مدونة د. زياد عبدالوهاب النعيمي
دور الامم المتحدة في مكافحة جائحة كورونا
د. زياد عبدالوهاب النعيمي | dr. ziyad abdullwahab alneamy
09/05/2020 القراءات: 4358
من المعلوم ان منظمة الامم المتحدة منظمة عالمية انشئت عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية ، تضم في عضويتها اليوم( 193) دولة، وتعمل بموجب ميثاقها الذي يبين مقاصدها ومبادئها واليات عمل فروعها المختلفة كالجمعية العامة ومجلس الامن وغيرها من أجهزة المنظمة التي تصب في غاية واحدة وهي حفظ السلم والامن الدوليين.
ويدخل مفهوم حقوق الانسان ضمن التزام المنظمة بشكل عام اذ يشير ميثاقها الى "تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء". وهذا الهدف العام والاسمى والذي يدخل ضمن نطاق المسائل المهمة للإنسان ومنها الصحة بشرط عدم التمييز لأي سبب كان وتحقيق المساواة القانونية بينهم.
وانطلاقا من هذه الاهمية المعنية بحقوق الانسان وما يوجه العالم اليوم من ازمة صحية كبيرة تتعلق بجائحة كورونا كونها تؤدي الى وفاة مئات الالاف من البشر نتيجة هذا الفيروس وانتشاره بشكل سريع، ما يدفع الى ضرورة تدخل الامم المتحدة من ناحيتين الاول ان ميثاقها يلزمها بذلك تحقيقا لأهدافها ، والثانية امكانية الربط بين ما يحدث اليوم واتصاله بالسلم والامن الدوليين كونه يمثل اتصالا مباشرا بتهديد الأمن الغذائي العالمي حسب تقارير منظمة( FAW) وتهديده ما يؤثر على السلم والامن الدوليين، بشكل عام .
خطوة الامم المتحدة في الدعوة للتضامن الدولي
تعد الجمعية العامة الجهاز الاول من اجهزة المنظمة الدولية، وتتألف من جميع أعضاء "الأمم المتحدة" وقد جاء دور المنظمة الدولية من خلال قرار اعتمدته الجمعية العامة يدعو إلى "التضامن الدولي لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد (COVID-19) وقد صدر القرار الذي صاغته كل من "سويسرا وإندونيسيا وسنغافورة والنرويج وليختنشتاين وغانا" وقدمته 188 دولة من بين 193 عضواً بالأمم المتحدة. وتم اعتماد القرار عبر استخدام آلية "اجراء الصمت" وهو اجراء لا يتطلب التصويت على القرار المتخذ من الدول الاعضاء بل يعد صدوره، والموافقة عليه تلقائياً بعد وقت محدد، نافذا في مواجهة الدول كافة ،طالما لم يتم الاعتراض عليه من قبل اية دولة من الدول الاعضاء في الجمعية.
وقد تضمن القرار ما يأتي:
اولا: دعا دول العالم إلى "تبادل المعلومات والمعرفة العلمية فيما بينها"، مؤكداً ضرورة التزام "التعاون الدولي والتعددية لمقاومة وباء كورونا والقضاء عليه".
ثانيا: طالب قرار الجمعية العامة كذلك من "الأمين العام أنطونيو غوتيريش ومنظمة الأمم المتحدة بالعمل مع جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة لاستجابة عالمية منسقة، لمواجهة الوباء وآثاره الاجتماعية والاقتصادية والمالية السلبية على جميع المجتمعات".
ثالثا: اشار القرار أيضاً الى "الحاجة إلى الاحترام الكامل لحقوق الإنسان" وأنه "لا مكان لأي شكل من أشكال التمييز والعنصرية وكره الأجانب في التصدي للوباء" .
قيمة القرار واهمية
وعلى الرغم ان القرار الدولي (غير ملزم) من الناحية القانونية، كونه لا يتعدى توصيات الى الدول الاعضاء الا انه يحمل قيمة ادبية وسياسية مهمة، وهو رسالة الى مجلس الامن لاتخاذ خطوات متقدمة في مكافحة الجائحة وقد اعقب صدور القرار دعوة الرئيسين الامريكي والفرنسي لاجتماع المجلس لغرض اصدار قرار ملزم من المجلس خاص بمكافحة كورونا، لتعزيز مفهوم التعاون في الامم المتحدة والقضاء عليه وضمان السلم والامن الدوليين، خصوصا في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة، اذ لابد يترتب على الاجتماع صدور قرار ملزم من المجلس بوقف اطلاق النار في تلك المناطق، للوصول الى سكانها ومساعدتهم في مكافحة الجائحة
ان دور الامم المتحدة اليوم دورا مهما وضروريا ويقع ضمن نطاق التزاماتها المحددة لها بالميثاق من خلال بيان دور مجلس الامن بوصفه الجهاز التنفيذي للمنظمة واتخاذه القرارات الدولية الملزمة التي تهدف الى مكافحة هذا الفيروس خصوصا وانه لا يقتصر على منطقة بعينها او مدينة او دولة بل يشمل مناطق العالم كافة.
ويعتبر قرار الجمعية العامة خطوة اول نحو تعزيز التضامن الدولي في الامم المتحدة وبيان دورها في تحقيق التعاون بين الدول الاعضاء فيما يخص مكافحة هذه الجائحة تحقيقا لأهدافها وتطبيقا لمبادئها والعمل من اجل حماية حقوق الانسان في صحته وحياته وامنه وتحقيق المساواة بين الافراد ومنع الجوع نتيجة تفشي هذا الفيروس خصوصا في افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية.
الامم المتحدة- جائحة كورونا- الجمعية العامة - التضامن الدولي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع