مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
من حالت شفاعته دون حد من حدود الله عز وجل فقد حاد الله
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
06/05/2023 القراءات: 419
وعلى هذا عمل كثير من الناس أو أكثرهم يتوكلون ويدعون مع الشك في صحة الدعوى وعدمها؛ لأنه ليس بمخبر عن نفسه وإنما يخبر عن الموكل ويبلغ كلامه لكونه لا يلحن بحجته، ولأن الحاجة قد تمس إلى ذلك لكثرة مشقته، وهذا بخلاف المدعي لنفسه لخبرته بأحواله وقضاياه والله أعلم.
وقد قال أبو داود باب فيمن يعين على خصومة من غير أن يعلم أمرها حدثنا أحمد بن يونس ثنا زهير حدثنا عمارة بن غزية عن يحيى بن راشد قال جلسنا لعبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - فخرج إلينا فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله عز وجل فقد حاد الله. ومن خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال» . حدثنا
علي بن الحسين بن إبراهيم حدثنا عمرو بن يونس ثنا إبراهيم ثنا عاصم بن محمد بن زيد العمري حدثني المثنى بن يزيد عن مطر الوراق عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعناه قال «ومن أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله عز وجل» انتهى كلامه. فالترجمة توافق ما سبق من كلام القاضي والخبر قد رواه أحمد في المسند ولم يصرح بخلافه
فهل يكون مذهبا له؟ فيه خلاف بين الأصحاب والظاهر أنه لا يخالفه.
والخبر إنما يدل لما سبق في كلام ابن عقيل كما تراه والإسناد الأول صحيح والثاني إنما فيه المثنى بن يزيد تفرد عنه عاصم بن محمد المذكور فيكون مجهولا في اصطلاح المحدثين لكن يقال: عاصم كبير من رجال الصحيحين فالظاهر أنه لا يروي عمن يروي عن آبائه شيئا إلا أن يعرف حاله مع أنه متابع للإسناد الأول فهذه حجة في المسألة والله أعلم. وردغة الخبال بفتح الراء والغين المعجمة وسكون الدال المهملة وفتح الخاء والباء الموحدة: صديد أهل النار اللهم أجرنا والمسلمين منها.
أما ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة «ومن أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه» فهو من رواية عمرو ابن أبي نعمة قال الدارقطني: مجهول يترك ووثقه ابن حبان وقال بعضهم: لا يصح خبره وأما إن تعلق الإخبار بالمستقبل فإن علقه بمشيئة الله فواضح كما سبق وإلا فالحكم على التفصيل السابق فلا يخبر عن شيء سيوجد أو لا إلا باعتقاد جازم أو ظن راجح ثم إن طابق فقد اجتمع الإخبار الجائز والصدق، وإن لم يطابق لغير مانع شرعي فكذب محرم وإلا فكذب لا إثم فيه، وإن لم يستند الإخبار إليه ما لم يجز، ثم إن طابق فصدق، وإن لم يطابق لغير مانع شرعي فكذب محرم وإلا فكذب لا إثم فيه.
وقد روى أبو داود من رواية أبي النعمان عن أبي وقاص عن زيد بن أرقم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي فلم يف ولم يجئ للميعاد فلا إثم عليه» . وقال أبو حاتم الرازي: أبو وقاص مجهول.
ورواه الترمذي وقال ليس إسناده بالقوي قال ولا يعرف أبو النعمان ولا أبو وقاص
فاعتبر في هذا الخبر أن تكون نيته أن يفي وهو وإن كان ضعيفا فهو يعضد بغيره من الأخبار والمعنى مع أن فيها كفاية، وتعليق الخبر فيها بمشيئة الله مستحب، ولا يجب للأخبار المشهورة فيتركه في الخبر والقسم، وسبق كلام ابن جرير.
وقال القاضي أبو يعلى في مسألة الفرار من الزكاة لما قيل: له إن أصحاب الجنة عوقبوا على ترك الاستثناء في القسم فقال: لا؛ لأنه مباح وعلى أن الوعيد عليهم لم يسلم من الكذب إن أتى به متصلا أو منفصلا وقد نسيه وإلا فلا.
هذا ظاهر الآية، وذكره ابن الجوزي عن الجمهور فظاهر كلام أحمد السابق وحكايته قول ابن عباس أنه يسلم منه بالاستثناء مطلقا ولعل مراده كالقول الأول، أما من حلف وحنث فالكفارة كالواجب وهي ماحية لحكم ما وقع.
ولهذا قال الأصحاب وغيرهم: اليمين على المباح الإقامة عليها وحلها مباح وإن اليمين لا تغير الشيء عن صفته، ولم يذكروا إذا حنث سوى الكفارة وأنها زاجرة ماحية وهذا ظاهر الأدلة الشرعية وظاهر كلام أحمد السابق وحكايته لقول ابن عباس يدل على أنه يأتي بالاستثناء ليسلم من الكذب وأن الكفارة لا تزيله ولعل مراده الخبر لا القسم وسبق كلام ابن جرير.
وروى أبو داود في باب الكذب عن حفص بن عمر هو النمري عن شعبة، وعن محمد بن الحسين هو ابن إشكاب ثنا علي بن حفص ثنا شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم قال ابن حصين عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع» ولم يذكر حفص أبا هريرة إسناده جيد وحفص وابن إشكاب ثبتان. ورواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعا «كفى بالمرء إثما» وذكره ولمسلم أيضا «بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع» .
ففي هذين الخبرين أن من فعل ذلك وقع في الكذب المحرم فلا يفعل ليجتنب المحرم فيكون من فعل ذلك عمدا قد تعمد كذبا.
وقال في شرح صحيح مسلم معناه الزجر عن التحديث بكل ما سمع
فإنه يسمع في العادة الصدق، والكذب فإذا حدث بكل ما سمع فقد كذب لإخباره بما لم يكن، وقد تقدم أن مذهب أهل السنة أن الكذب: الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو ولا يشترط فيه التعمد لكن التعمد شرط لكونه إثما انتهى كلامه. فلعل ظاهره لا يحرم لعدم تعمد الكذب ولم يذكر رواية أبي داود المذكورة قلت لأبي عبد الله يجيئونني بالطعام فإن قلت لا آكله ثم أكلت؟ قال هذا كذب لا ينبغي أن يفعل.
وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عن الرجل يأتيه الأمي الذي لا يكتب فيقول اكتب كتابا فيملي عليه شيئا يعلم أنه كذب ليكتب له قال: لا فلا يكتب بالكذب.
من حالت شفاعته دون حد من حدود الله عز وجل فقد حاد الله
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع