مدونة د. اوان عبدالله محمود الفيضي
السكينَة ومفهومها في القرآن والسنة
د. اوان عبدالله محمود الفيضي | AWAN ABDULLAH MHMOOD ALFAIDHI a
14/05/2023 القراءات: 2072
لاشك ان المقصود بالسكينَة هومَاتَجدهُ فِي الْقلب من الطُّمَأْنِينَة والاستقرار والرزانة(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً)الفرقان/63والهون لغة السكينة والوقارلقوله تعالى(قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون)المؤمنون/1-2والخشوع هو السكينة والخضوع والذلّ لله خوفًاوحياءً ورجاءً
وفي قصة آيات السكينة وفضلها يقول الشعراوي زرت احدى قريباتي بالمستشفى بعد ولادتها وكانت حالتها النفسية صعبة لاتريد ان تكلم احدا فقرأت عليها آيات السكينة فنامت بعد القراءة بإرادة الله والتوكل عليه وعدت الى منزلي وفي الصباح اتصلت بي السيدة وقالت ماذا فعلت والله اني نمت نوما هنيئا وكأنها ابرة مخدر وصحوت واخذت ابني وتغيرت حالتي فما السبب يا ترى؟قال لها لاشئ غير اني قرأت عليك آيات السكينة لذا فمن اصيب بالهم والغم والحزن والقلق والارق وجميع الامراض الروحية والنفسية عليه بقراءة آيات السكينة اذ جاء فِي البَصائِرِ انه ذَكَرَ الّلهُ آيات السَّكِينَةَ فِي ستَّةِ مَواضِعَ مِن كتابِهِ العزيز وهي:
الأوَّلى:لقوله تعالَى(وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مماترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكةان في ذلك لآية لكم ان كنتم مؤمنين)البقرة/248
الثَّانِية:وقوْلُه(ثم انزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وانزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين)التوبة/26
الثالثُة:وقوْلُه(إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ همافي الغار إذ يقول لصاحبه لاتحزن إن الله معنا فانزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروهاوجعل كلمة الذين كفرواالسفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم)التوبة/40
الرابعُة:وقوْلُه(هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم ولله جنود السموات والارض وكان الله عليما حكيما)الفتح/4
الخامسُة:وقوْلُه(لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا)الفتح/18
السَّادِسة:وقوْلُه(اذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما)الفتح/26
وقد كانَ بعضُ الصَّالِحين إِذااشْتَدَّ عَلَيْهِ الأَمْرُ قرَأَ آياتَ السّكِينَةِ فَيرى لَهَاأَثراً عَظِيماًفِي سكونٍ وطُمَأْنِينةٍ ومن اسباب فقدان الناس للسكينة اليوم انهم تركوا المواضع التي جعل الله فيها السكينة كالبيت ونوم الليل والزوجة فكثرة الخروج من البيت لغيرحاجة حرمهم سكينة البيوت(والله جعل لكم من بيوتكم سكنا)النحل/80وكثرة سهرهم بالليل حرمهم سكينة الليل(الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه)يونس/67غافر/61 وعدم العشرة بالمعروف حرمهم سكينة الزوجة(ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوااليها)الروم/21وهذا كله من السكينة القدرية المبذولة اما السكينة الشرعية فشيء اخر جزاء من ربك عطاء حسابا لمن عمر بيته بالأيمان بطاعة الرحمن كما ورد في الكشاف للزمخشري ان السَّكِينَةَ السكون أي أنزل الله في قلوبهم السكون والطمأنينة وذكر الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب والسكينة مايسكن إليه القلب والنفس ويوجب الأمنة والطمأنينة وجاء في روح المعاني للألوسي وفسروا السكينة بنور يستقر في القلب وبه يثبت على التوجه إلى الحق كماقال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ"إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةِ"الشيخان حيث جاء في صحيح مسلم باب استحباب ايتان الصلاة بوقار وسّكينة والنهي عن ايتانها سعيا والنهي هنا للكراهة والسكينة من السكون وصفاء القلب أي الزموا السكينة في جميع أموركم سيما في الوفود على رب العزة فالزموا الوقار في الهيئة بغض البصر وخفض الصوت وعدم الالتفات والتأني في الحركات واجتناب العبث ونحو ذلك وقوله ايضا"ومااجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة"مسلم
وقال ايضا انه"وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ"مسلم وقال ايضا"إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه وإن السكينة تنطق على لسان عمر"مسند احمد لذلك قال عمر"تعلّموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والحلم"
ولننظر إلى حديثه عليه الصلاة والسلام"السكينة والوقار في أهل الغنم والفخر والخيلاء في أهل الإبل"مسند احمد فمامن نبي إلا ورعى الغنم حيث يتعلم الأنبياء السكينة والوقار في رعي الغنم قبل أن يتعاملوا مع الإنسان لأن للإنسان قيمة في منهج الدعوة لاتسمح بالتعامل معه بغير تجربة ولأجل هذا الأصل وقع التأثر والتأثير في بني آدم واكتساب بعضهم أخلاق بعض بالمعاشرة والمشاكلة وكذلك الآدمي إذا عاشر نوعاً من الحيوان اكتسب بعض أخلاقه ولهذا صار الخيلاء والفخر في أهل الإبل وصارت السكينة في أهل الغنم وصار البغالون فيهم أخلاق مذمومة من أخلاق البغال فالمشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة وقد رأينااليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين هم أقل كفراً من غيرهم والمسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى هم أقل إيماناًمن غيرهم
وقال ايضاانه"كان رجل يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوط بشطنين فتغشته سحابة فجعلت تدور وتدنو وجعل فرسه ينفر منها فلما أصبح أتى النبي فذكر ذلك له فقال تلك السكينة تنزلت للقرآن"الشيخان فمرة أخبر عليه الصلاة والسلام عن نزول السكينة ومرة أخرى عن نزول الملائكة ولذلك ترجم البخارى باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن وقوله ايضا"يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها"ابو داود لأن الصلاة فيض من السكينة ونهر من الأمن وروي ان رجلٌ قالَ للشعبيِّ"إنَّ فلاناً عالمٌ قالَ مارأيتُ عليهِ بهاءَ العلمِ قيلَ ومابهاؤُه؟قالَ السكينةُ إذاعلَّمَ لا يعنِّفُ وإذا عُلِّمَ لا يأنَفُ"والحمدلله رب العالمين
السكينَة مفهومها في القرآن السنة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع