أ. محمد فارح


ما النقد؟

محمد فارح | Mohammed Farah


02/06/2019 القراءات: 6114  



يعد النقد مجالا معرفيا ينبثق من خلال القراءة، يأتي في الدرجة الثالثة من حيث التوالي للفعل القرائي، ويحتل المركز في العملية الإبداعية؛ باعتباره المصفاة المركزية.
فالناقد عين الأدب، ومرآة اللغة، يرى من خلاله المؤلف اعوجاجه فيقومه، ويبصر زلل تركيبه فيصححه. إننا نؤمن بأن النقد يرفع من شأن الأعمال الأدبية؛ باعتباره عملا تجريديا، ويحدد قيمتها رفعا وخفضا؛ باعتباره منهجا تجريبيا.
فالنقد يصحبه حكم، ولا يمكن لهذا الحكم أن يتموضع خارج العمل الأدبي، منه يبدأ وعليه يكون، فلا اعتبار للنقد إن خلا من الحكم بأيّ صيغة كانت على هذا العمل.
فما فائدة تواجد مناهج تنتسب للنقد، وتتسمى باسمه، ولا تعطي للعمل قيمة من حيث هو؟ وقل ذلك في كل المناهج التي يقودها الباحثون اليوم، واستفهم عن ذلك كله فلن تجد نفسك إلا وأنت تقف من جديد أمام هذا التساؤل ما النقد؟
إننا بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في هذا المصطلح؛ كونه يعتبر المركز في التجليات الأدبية، فكلما كان الناقد متمكنا، وأعمل بصيرته، كلما ارتفعت قيمة الأعمال الأدبية والفنية، وهذا يبين لنا شيئا من القيمة التي يكتسبها دور النقد في الحياة الأدبية خاصة، وفي جميع المجالات عامة.
فالنقد هو عملية تمييز بين شيئين، تحدث المفارقة والمفاضلة بينهما على أساس معياري، وإن بدت الأذواق طرفا فيها، إلا أن الاحتكام الموضوعي يجب أن يكون للمتعارف عليه من المعايير الصحيحة والأقيسة السليمة، وما الذوق والحس إلا تبعٌ لها.
أما ما كان غير ذلك، من إعمال للوصف دون حكم بالجودة والرداءة، وبيان دلالات النص، وإبراز مكامن المعنى، وإظهار مقاصد المؤلفين فلا نعتبره نقدا، بل ولا يدخل في مسماه مطلقا؛ كونه ما أعمل آلياته لأجل التمييز بين النصوص من حيث قيمتها، فذهب مذهب الوصف، الذي لا يبين مدارك الاختلاف القيمي بين النصوص، فجعلها متساوية في ذلك، بل وأعطى للنصوص الرديئة حضورا أقوى في بعض الأحيان، وانجر على ذلك سقوط النُظُم النقدية، ومعاييرها التي تروم دفع المؤلف إلى صقل موهبته، والاعتناء بها، ومحاولة تطويرها في سبيل تحقيق مراده.


النقد، العمل الأدبي، الحكم القيمي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع