الفجوة بين التعليم المدرسي والتعليم الجامعي
د. رحمة محمد عودة | Rahma Ouda
07/10/2020 القراءات: 5581
توجد فجوة عميقة بين التعليم الأساسي والتعليم الجامعي موجودة بدليل أن الكثير من الطلبة الذين يحصلون على أعلى الدرجات في الثانوية العامة يختارون كليات القمة – الطب والهندسة والصيدلة- ثم لا يحصلون على نفس التمييز الذي حالفوه في المرحلة الأساسية.
مظاهر الفجوة بين التعليم الأساسي والتعليم الجامعي:
• يعمل التعليم الأساسي على مد الطالب بكل المقومات التي تدفع به نحو النجاح والتميز والحصول على أعلى الدرجات بعد دفع الغالي والنفيس له وذلك من خلال التبسيط للمعلومات والتكرار والدروس الخصوصية وغيرها، ويجد الطالب نفسه في نهاية هذه المرحلة في الثانوية العامة محور اهتمام الجميع فالجميع يحاول أن ييسر له الجو المناسب للدراسة، فإذا ما انتقل إلى المرحلة الجامعية مزودًا بأعلى الدرجات ومنتسبًا لأفضل الكليات وأرقى الجامعات تراجع الاهتمام به ليحتل المرتبة العادية من الاهتمام والتشجيع والسؤال عن أحواله، وهذا يعزز الفجوة في التطور الطبيعي للنظرة للمستوى الدراسي الذي يمر به الطالب والدعم النفسي الذي يحتاج إليه الطالب.
• من أهم أهداف التعليم الأساسي تزويد الطالب بالمعلومات التي تؤهله للنجاح في الدراسة الجامعية إن كانت اختياره، ولكن الواقع أن الطالب بعد أن ينتهي من المرحلة الثانوية يقوم بإزالة جميع ما اختزنه من معلومات ويجد المدرس الجامعي نفسه مضطرًا لشرح مبادئ أساسية في الرياضيات على سبيل المثال للطلبة في التخصصات العلمية سبق لهم دراستها في المرحلة الثانوية هذا مما يدلل على وجود فجوة في أهداف التعليم الأساسي والتعليم الجامعي..
• كما أن من مظاهر الفجوة التي نحن بصدد الحديث عنها دور كل من المدرسة والجامعة فالمدرسة تضع القوانين وتلتزم بها لدرجة أن الطالب يكاد يختنق من قائمة الممنوعات بالمدرسة ويكاد يفسد من هول المفاجأة مما هو مسموح في الحياة الجامعية كما نجد أن الجامعات تتنافس في عرض التسهيلات الممنوحة للطلبة من باب جذبهم للدراسة بها، وينسحب ذلك على المستوى الأسري فتعامل الأبوين مع ابنهم في المرحلة الثانوية يختلف كلية عن تعاملاتهم معه إذا ما استطاع دخول معترك الحياة الجامعية فعلى سبيل المثال الأب دائم الاستفسار عن مستوى ابنه الأكاديمي بالمدرسة ولا يكاد يعرف شيئًا عن مستوى ذات الابن بعد أقل من عام واحد من انتهائه من المرحلة الثانوية.
• من مظاهر الفجوة أيضًا أن التعليم الثانوي وبعد التغييرات الكبيرة في المناهج والمستويات الثقافية والحضارية للمجتمع فتحت الطموح أمام الطالب لدراسة تخصصات جديدة يبنى عليها سيلا من الأحلام ليفاجئ فيما بعد أن الجامعات المحلية ومع كثرتها لا توفر له إمكانية دراسة ما حلم به من تخصصات مثل الهندسة الوراثية والهندسة الطبية والطب النفسي وغيرها كثير، وإن تنازل عن طموحه يجد أن الكلية التي يختارها بعيدة كل البعد عن الواقع والمأمول أيضًا فلا زالت الكليات تدرس نفس المناهج التي نشأت عليها مما يعني تكرار المعلومات مع ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية فقط كما في مواد التفاضل والتكامل التي تدرس في تخصصات الرياضيات.
• أعتقد أن أخطر مظاهر الفجوة بين التعليم الجامعي والتعليم الأساسي الأهداف التي يسعى الأهل لجعل أبنائهم يظفرون بها: فالطالب في المرحلة الثانوية يجد نفسه مدفوعًا نحو الحصول على أعلى الدرجات وكأنه هو الهدف الوحيد للتعليم الأساسي مما يفتح أبواب الجامعات والتخصصات المختلفة أمامه، وفي المرحلة الجامعية يجد الطالب نفسه مرة أخرى مدفوعًا نحو ضرورة الحصول على الشهادة الجامعية بشتى الطرق والوسائل وإن كانت هذه الطرق لا تدعم بالضرورة حصوله على أعلى الدرجات.
المسئول عن هذه الفجوة:
يتقاسم المسئولية عن الفجوة بين التعليم الجامعي والتعليم الأساسي كل من الرفاق والأهل والمدرسة والجامعة بل المؤسسة التعليمية بأكملها ممثلة في وزارة التربية القائمة على صياغة السياسات التربوية ومنح التراخيص اللازمة لبعض البرامج والكليات.
المقترحات للحد من هذه الفجوة:
• توعية شاملة للطلبة والأهالي فيما يتعلق بتكامل دور كل من المدرسة والجامعة في الأهداف والإجراءات والسعي الحديث نحو بناء شخصية متكاملة للإنسان الواعي بمتطلبات عصره.
• سعى وزارة التربية والتعليم لسد الفجوة بين التخصصات المطروحة في الجامعات المحلية واحتياجات سوق العمل، مع عدم تكرار التخصصات والسعي لفتح تخصصات نوعية حديثة تسهم بإرضاء طموحات طلبة المرحلة الثانوية.
• فتح آفاق التعاون بين الجامعات ومؤسسات المجتمع المدنية وأولياء الأمور مما يتيح رقابة كافية على تصرفات الأبناء في هذه المرحلة.
• مراجعة المناهج الدراسية المقدمة للطلبة الجامعيين للتوافق مع التغيير الحادث في مناهج المرحلة الثانوية.
• تطوير أساليب التقويم في المرحلة الثانوية لتكون أكثر توافقًا مع الأساليب السائدة في الجامعات ومنها ما قد يفيد مع طلبة التخصصات العلمية وهو المشاريع فيكون على كل طالب يتخرج من المرحلة الثانوية أن يقوم بانجاز بحث أو مشروع كمتطلب تكميلي على غرار ما تقوم به الجامعات ومن خلال هذا المشروع تتاح للطالب فرصة الاحتكاك بالواقع والاختيار الصحيح للتخصص الذي يرغب بدراسته في المرحلة الجامعية (نلاحظ أن العديد من الطلبة يدخلون التخصص الجامعي لا لأنهم يرغبون بدراسته ولكن لأن معدلاتهم في الثانوية العامة سمحت لهم بدخول هذا التخصص حتى لو كان هذا التخصص من التخصصات التي تحتاج أعلى المعدلات أو أدناها وهذا يجعل العديد من طلبة المعدلات العليا يتذبذبون بين تخصصات الطب والهندسة ويتنقلون بينها لفترة من الزمن).
• تطوير طرق التدريس بالمرحلة الثانوية مع إعطاء الطلبة مساحة أكبر من الحريات الممنوحة لهم.
العليم المدرسي، التعليم الجامعي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة